تربیه په اسلام کې: په قابسي نظر کې تعلیم
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
ژانرونه
والمعلم معذور إذا حاول أن يزجر الصبيان عن اللعب؛ لأنه يريد الهدوء وينشد النظام المؤدي لحسن سير الدرس والتحصيل، ولم تكن الدراسات النفسية للأطفال قد بلغت في ذلك الزمان مبلغ ما وصلت إليه الآن.
لذلك كانوا يعتبرون الطفل رجلا صغيرا يعامل معاملة الرجال، أما التربية الحديثة فإنها تنظر إلى حياة الطفل نظرة تختلف عن الكبار. لهذا سايرت التربية الحديثة ميول الطفل وغرائزه، فاستغلت اللعب في مصلحة التعليم. وبذلك وفقت بين طبيعة الطفل وحاجة المجتمع. فقامت المدارس الخاصة بالأطفال على اللعب في الظاهر، بينما الغاية المقصودة هي تعليم الأطفال. وعندئذ تتحقق المصلحتان، مصلحة الطفل في الترويح عن نفسه، واستغراق الحيوية الفائضة في كيانه المتدفق نشاطا في هذه السن الصغيرة، كما تتحقق مصلحة المجتمع من تثقيف الصغار على الوجه المطلوب القائد إلى التقدم والرقي.
هذا الجهل بطبيعة الطفل، واعتبار ميله إلى اللعب، ونزوعه إلى الحركة، من الرذائل التي ينبغي أن تحارب، أدت إلى كراهية الصبيان للكتاب. ومن شأن الإنسان إذا أحب شيئا أن يقبل عليه، وإذا كره شيئا أن ينصرف عنه، ويبتعد منه. فليس غريبا أن نرى الصبيان في ذلك العصر يتحولون عن المكان الذي يكرهونه، ولا يجدون فيه المجال الواسع للحركة واللعب، وهو الكتاب، لهذا السبب كان الصبيان يهربون من الكتاب بل يديمون الهرب منه، كما ينبئنا القابسي في صراحة: «فإن اكتسب الصبي جرما من أذى، ولعب، وهروب من الكتاب وإدمان البطالة ...» مما يفصح عن عادة تأصلت في نفوس بعض الصبيان. وكان المعلمون في ذلك الزمان يعانون مشقة هذه الرذيلة، ويحاولون علاجها، ولكنهم لم يفطنوا إلى أصل العلة وهو منع الطفل من اللعب.
إلى جانب هذه الرذائل وهي اللعب، والهروب من الكتاب، وإدمان البطالة نجد رذائل أخرى تشيع في الواقع في كل جو مدرسي أو في كل بيئة اجتماعية يشترك فيها عدد من الصبيان أو الشباب، وهم الذين لم تتأصل في نفوسهم بعد مشاعر احترام الغير، وضبط النفس، وكبح الأهواء الجامحة والنزوات الطائشة. فالصلة بين الصبيان تؤدي إلى التنافس فيما بينهم، ومحاولة ظهور بعضهم على بعض، وسيطرة أحدهم على غيره.
والسيطرة والظهور من أقوى الطبائع المحركة للهمم الباعثة على العمل، ولا تتهذب طريقة السيطرة، ولا يسمو الإنسان بالميل إلى الظهور، إلا بعد تعلم طويل، وثقافة عريضة، بل العامة، وأهل الشعوب المتأخرة، يظل فيهم الميل إلى الظهور والسيطرة على الصورة الأولية من البطش والقوة والاعتداء البدني، والغلبة الجسمية لا العقلية. فليس غريبا أن تبدو على الأطفال هذه النزعات الفطرية التي لم تهذبها الحضارة وتحولها الثقافة نحو الخير والسمو. بل ينبغي أن تظهر لأنها عنوان الحيوية ودليل النشاط والقوة.
ومهمة المعلم أن ينظم مثل هذه النزعات، وأن يمهد لها الطريق السوي المؤدي إلى التقدم والرقي. لذلك كانت مهمة المعلم شاقة، تحتاج إلى كثير من الحكمة والبصر النافذ في أخلاق الناس عموما، وطبائع الأطفال بوجه خاص. وقد سجل القابسي فيما ذكر من طبائع الصبيان: إيذاء بعضهم بعضا، وشكاية بعضهم أذى بعض، بل واستفاضة الأذى في بعض الأحيان. وعندنا أن هذه الرذيلة التي عدها القابسي كذلك هي من فضائل الحياة، بل لا ينبغي اعتبارها رذيلة أو فضيلة؛ لأنها طبيعة الطفولة ومظهر الفتوة، ودليل التوثب. وكان الواجب أن نعالج هذه الطبيعة نحو الخير والنفع بتوجيه قوى الطفل في أمور تستغرق نشاطه، ويبدو فيها الميل إلى التفوق العلمي والغلبة العقلية. وهذه هي الطريقة السليمة، وقد نصح بها القابسي وأجازها في بعض الحالات، كما نذكر عند الكلام على طرق التعليم.
وأشار القابسي أيضا إلى نقيصة خلقية كثيرا ما كانت تقع بين الصبيان وهي التبايع فيما بينهم، كأن يبيع بعضهم من بعض: «كسرة بزبيب، أو زبيبا برمان، أو تفاحا بقثاء.» وهذه الظاهرة ملحوظة في تلاميذ المدارس من كل جيل وفي كل شعب، فهي طبيعة الناس إذا اجتمعوا. وقد نظر القابسي إلى هذه المسألة نظرا دينيا فحرمها لما فيها من ربا، وطلب إلى المعلم أن ينهاهم عن هذا التبايع. والحقيقة أنه إلى جانب الربا المذكور في كتب الفقه، فإن التبايع بين الصبيان صرف لهم عن طلب العلم، وشغل لأذهانهم عن التحصيل، فضلا عن إشاعة الفوضى وسوء النظام، وظهور الحقد والغضب والحسد والبغضاء، مما يؤدي إلى إيذاء بعضهم بعضا رغبة في الانتقام، وشفاء للنفس مما أصابها من الغل والحسد.
ومن الرذائل الفاشية في كل مجتمع، وخاصة بين الشباب، ما ذكره القابسي في هذه الجملة: «وإنه لينبغي للمعلم أن يحترس بعضهم من بعض إذا كان فيهم من يخشى فساده، يناهز الاحتلام، أو يكون له جرأة.» وهو تعبير وجيز العبارة، لطيف الإشارة، يدل على عفة في نفس المؤلف، تحمله على الابتعاد عن الإطالة في مواطن الفحشاء والمنكر. وهذا الإيجاز لا يحل هذه المشكلة الخطيرة؛ فهي المشكلة الجنسية التي اجتهد الناس أجيالا في إخفائها، ووضع الرقابة الاجتماعية والخلقية والدينية في سبيلها، إلى أن تبين لعالم النفس «فرويد» أنها أساس السلوك عند الإنسان في كل ناحية من نواحي الحياة، بل إنها أصل الشذوذ والأمراض العصبية والنفسية.
وترجع هذه المشكلة إلى أن الرغبة الجنسية إذا ظهرت في أكمل صورها عند الاحتلام، فلا بد لهذه القوة الغريزية من الانسياب. ولكن الدين يقف عقبة في سبيل تحقيقها، وكذلك المجتمع. فإذا استمع الشاب لوازع الدين، وأوامر التقاليد، تراجعت الغريزة في نفسه، وانحبست هذه القوة، مما قد يؤدي إلى انفجارها بعد زمن. والغالب أن دافع الغريزة يكون أقوى من رادع الدين ووازع الضمير، فيحقق نداء الطبيعة، ويلبي صوت الغريزة ويحمله تيار الفطرة الجارف إلى هذه الألوان من الفساد الجنسي.
والحل الطبيعي الذي يتفق مع أوامر الدين ونواهيه، واصطلاح العرف والتقاليد الحسنة هو الزواج؛ وهو الحل الوحيد. وفي ذلك يقول القرآن:
ناپیژندل شوی مخ