201

تربیه په اسلام کې: په قابسي نظر کې تعلیم

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

ژانرونه

فإذا كان المعلم في الكتاب ينصرف إلى حفظ القرآن حتى يبلغ بالصبي الختمة، فلم يكن هذا العمل من إيحاء قادة الفكر، أو من رغبة المعلم نفسه، بل هو اتجاه الجمهور وتيار المجتمع. وقد بلغ من فرح الآباء بحفظ أبنائهم القرآن، أنهم كانوا يدفعون فوق أجر المعلم أجرا آخر للختمة احتفالا بهذه المناسبة السعيدة.

ولم يمتنع المسلمون عن تعليم الحساب، وأجاز القابسي تعليم الحساب، ولكن أولياء الصبيان لم يطالبوا بتعليم أبنائهم الحساب، بل وضعوا نصب أعينهم شيئا واحدا هو أن يحفظ أبناؤهم القرآن.

ولا شك أن تقدم المجتمع وتطوره يرجع إلى حد كبير إلى الآراء الجديدة التي يطلع بها المفكرون على الناس. فإذا أثرت هذه الآراء أثرها خرج المجتمع على التقاليد الموروثة ، وخلعها عنه، وسار في الطريق الجديد. فالجمود هو المحافظة على التقاليد، والتجديد هو التحول إلى شيء جديد.

فإذا اتخذنا عصر القابسي وآراءه في التعليم أساسا لما كان يجري في القرن الرابع الهجري، فإننا نستطيع أن نشرف على القرون التي سبقته، وعلى القرون التي جاءت بعده، فنرى كيف تقدم التعليم إلى ذلك العهد، وكيف سار بعد ذلك.

ولا شك أن التعليم سجل منذ القرن الأول في الإسلام حتى القرن الرابع تقدما كبيرا.

ففي حياة النبي كان التعليم نادرا في الجزيرة العربية، وفي الفرس والشام ومصر نفسها. وكان عدد الذين يعرفون الكتابة والقراءة قليلا جدا، ثم بدأت الكتابة تنتشر بإيحاء النبي وتشجيعه. ثم ظهرت الكتاتيب فكانت مظهرا للحياة الاجتماعية عند المسلمين، ثم احتاج الناس إلى تنظيم العلاقة بين المعلم والصبي، بما يتفق مع الشريعة الإسلامية المطبقة في العالم الإسلامي؛ فأدلى الفقهاء بالأحكام الشرعية التي تفصل فيما قد ينشأ من نزاع بين المعلم وآباء الصبيان على الأجر، وما قد يصيب الصبي من أشرار إذا وقع المعلم العقاب عليه، والفقهاء هم المختصون بالتشريع في المسائل الجزئية التي لم يرد فيها نص في القرآن. واجتمع كثير من هذه الأحكام على مر الأيام؛ جمعها ولخصها وضمها في كتاب واحد أبو الحسن القابسي، الذي ألف رسالته في نهاية القرن الرابع. وبذلك تمثل هذه الرسالة أحوال التعليم في ذلك القرن، وتمثل التطور الذي حدث في هذا الفن منذ صدر الإسلام حتى ذلك الوقت؛ لأن القابسي نفسه تتبع ذلك التطور في أبحاثه، كما يتضح لنا من النظر في رسالته.

وقد لحق تعليم الصبيان في الكتاتيب بعد القرن الرابع كثير من التغيير، لم يكن في سبيل التقدم، بل في سبيل الجمود.

وأهم المظاهر التي استحدثت على الكتاتيب هي اعتماد أكثرها على أوقاف الموسرين. وفيما عدا ذلك بقي المنهج ثابتا وهو تعليم القرآن والكتابة. وبقيت الألواح في أيدي الصبيان للكتابة فيها، وبقيت العصا أداة التأديب في يد المعلم.

والخلاصة أن تفسير حالة التعليم في عصر من العصور يقتضي النظر إلى آراء المربين، وصلة آرائهم بالمذاهب العقلية التي يعتنقونها، ويقتضي النظر إلى حالة المجتمع الذي تفرع عنه التعليم كمظهر من الحياة العقلية.

فإذا طبقنا هذين المبدأين على الغرض التعليمي كما جاء عند القابسي، باعتبار أن الغرض من التعليم هو النقطة التي تلتقي عندها جميع شئون التربية، ومنها تتفرع أحواله المختلفة، فإننا نجد أن القابسي كان يقصد إلى غرض ديني، وكذلك كان المجتمع يريد. لهذا اقتصر التعليم في الكتاب على القرآن والكتابة في الغالب.

ناپیژندل شوی مخ