الفطور وأباريق القهوة البنية مع جماعته الحسان الوجوه الذين يأخذ حسهم بمجامع القلوب ويحضر إلى الخيمة التي بها عنمان باشا المذكور، وما كلتفه قط الحضور إليه. وكان إذا حضر إليه سلم عليه من بعيد، كتسليم العبيد، وأنه كان يخاطبه خاطبة العبد لسيده الكبير، وأنه ما كان يغسل يده بعد الطعام إلاء في أباريق الفضة، واستمر في اعتقاله نحو أربعين يوما، لكنه كان يقامي شدة عظيمة في تنقله وتزلزله معهم حيث ساروا، لأن العساكر السلطانية ماكانت تهميل التفتيش على أماكن اليازجي وكان يتفقل خوفا منهم من مكان إلى مكان، ويلزم أن يأخذ معه عثمان باشا المذكور إلى حيث ذهب . فقال عثان باشا يوما لليازجي وقد أجهده السير معهم من جبل إلى جبل، ومن واد إلى واد ، ومن أنجاد إلى وهاد : بالله عليك يا أمير، إن كنت تقتلني فافعل ( فإني قد عدمت البصر في هذا التنقل والتزلزل ، لاسيتما فأنت تعلم انني ما أنا معتاد لمثل هذه الأحوال، ولا أنا قادر على مقاساة هذه الأهوال، وإن كنت تطلقي فافعل ((1) فإني أرجو الله تعالى أن ينفعك بي كما نفعني بك فقال اليازجي : ياسلطانم ، لاتخف ا والله ثم والله مالك عندي إلا السلامة ، وما نويت، لك إلآ العيز والكرامة ، أفتخاف منتي ؟
ولكن في غد نقطع الماء الفلاني، وبعد مرورنا منه نطلقك إلى مأمنك .
فلما قربوا من الماء وأرادوا قطعه رأى عثمان باشا الماء عظيا (131ب) وظن أنه لايكاد يقطعه بالدابة، لأن الماء المذكور هو جيحان، وهو ماء عظيم الشأن ، فقال لليازجي : يا أمير1 إن البغل الذي أنا راكبه لايقطع بي هذا الماه لكونه نحيفا ضعيفا، ولكونه قصيرا إلى الغاية . فعند ذلك أعطاه بغلا غيره أصفر قويا طويلا. فركب وتبع مواطيء آقدام اليازجي في الماء ونجا معه إلى ذلك الجانب
(1) ما بين الحطين القائين ساقط من
============================================================
فلما عبر معه الماء وعبر أصحاب اليازجي أيضا، وكانوا عند عبور الماء نحو الف رجل غرق منهم نحو عشرين رجلا. فعند ذلك حضر من قال لليازجي : إن هنا جمعا من الناس نحو مثتي رجل يريدون الاجتماع بك، فهل تحب الاجتماع معهم؟ فقال للقائل : إذهب إلهم وقل لهم ليأت إلي منهم نحو خمسة عشر رجلا من أعيانهم، وليكونوا بغير سلاح، وعليهم الآمان مفي إلى أن يذهبوا إلى مامنهم .
وعند ذلك أجلس عثمان باشا منفردا تحت شجرة هناك، وجلس متباعدا منه بحيث كان يسمع كلامه عند الإصغاء إلهم فلما جاء اليه المقدار الذي طلبه من القوم سالهم عن مرادهم ، ومن أي قوم هم؟ فقالوا له: نحن عسكر بلاد أرزن الروم، وقد رأيناك قطعت الماء، ودخلت إلى أرضنا. ونحن لانخثى منك لأن معاملتك مع الناس مليحة، وما عندك ظلم لرعاياك، ولكنك تعلم أنته يلزم من دخولك إلى أرضنا أن تتبعك العساكر السلطانية وأنت تعلم مايحصل لنا ولبلادتا من دخوهم اليهم { إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعيزة أهليها أذاتة، وكذلك يفعلون} (1) وقد سمعت ماحصل للبلاد التي دخلوها من الخراب. فإذا ذهبت إلى بلاد أخرى وتركت بلادنا لك منا من الرعاية ماهو كذا وكذا، وذكروا له شيئا من المال يحملونه اليه ، وإن أبيت إلا الدخول إلى بلادنا والحلول بها كنت ضارا لنفسك ولنا . فإن عيدتنا ثمانية آلاف رجل، وكلنا يبذل نفسه في قتالك ، لأن دخولك إلى بلادنا موجب لدمارها على كل حال. فقال لهم: اقبلوني ضيفا هذه الليلة فقط وفي غد أرجع وأقطع الماء ثانيا، وأعود إلى الأماكن القي كنت فيها.
(1) سورة النمل، 27، الآية 34.
============================================================
فلبلوا منه ذلك، وود عوه بعد آن وادعوه . ورجع إلى عثان باشا فوجده حيث أجلسه تحت الشجرة فخلا به وقال له: سير، أتا أقطع معك الماء ثانيا وأرسلك، وأخرج له من جيبه منديلا فيه ثلاث مثة دينار ذهبا وقال له : خذ هذا يكون حق القهوة إلى أن تصل (132 2) الى العسكر . واعتذر له عن قلتة ما أعطى بأنه منهوب منكوب) وأنه على جناح هزية . فقبل منه العذر، ورآه يرتعد من البرد فاستدعى غلاما كان معه وقال له : هات الجوخة الحمراء التي معها السمتور. فأتى بها فألبسها لعثمان باشا، واعتذر إليه . وقطع معه الماء ثانيا، وقال له : أوصيك بأمور منها : أنك لاتدخل إلى غير (1) عسكر الشام ، فإن كل عسكر ماعدا أهل الشام يقتلك، ولو علم أنك عثان باشا ومنها أنك لاتعليم أحدا بنفسك قبل وصولك إلى مأمنك . ومنها أنني أرسل معكستة)(2) رجال من جماعتك الذين كانوا معك عندما وقعت عندنا فاحذر منهم فانهم يرجعون عنك وقال له: أنا عملت معك مروهة على مقدار قدرتي فإن استطعت أن تفعل معي جميلا عندما تصل إلى حضرة السلطان فافعل . فقال له عنمان باشا : مايظهر لك فعلي إلا إذا وصلت الى موضع ي أقدر فيه على الكلام النافذ ، وإلا فلي العذر ما دمت لاأقدر.
ناپیژندل شوی مخ