الركن الأول الجنوبي المقدم الذكر وهذا الضلع هو ساحل الأندلس الغربي الممتد على البحر المحيط.
ولإشبيلية كور عديدة أكثرها في جنوبي نهرها الأعظم وأقلها في شماليه، فمن كورها: كورة أركش بالراء المهملة وهي في جنوبي النهر، وكورة شريش في جنوبي النهر المذكور أيضا، وكورة جزيرة طريف، وكورة الجزيرة الخضراء، وكورة رندة، جميع هذه الكور في جنوبي النهر، أما شريش فهي مدينة مليحة الظاهر والباطن وهي في كورة شدونة التي سنذكرها على البحر المحيط جنوبي نهر إشبيلية.
ومن كورة شدونة قلعة حولان، وهي قلعة منيعة ولها كروم وبساتين ونهر صغير، وأما أركش فيها معقل أركش وهو في غاية المنعة وبه ثار ولد المعتمد بن عباد، وكورة أركش كثيرة الأرزاق، وأما كورة رندة فهي أحد معاقل الأندلس المنيعة، قالوا: وهو معقل يعمم بالسحاب ويوشح بالأنهار العذاب، ومن كور إشبيلية التي جنوبي نهرها كورة طريف وطريف مدينة صغيرة وأمامها جزيرة في البحر تعرف بجزيرة طريف منسوبة إلى طريف أحد موالي بني أمية، ومن كور إشبيلية التي في جنوبي النهر كورة قرمونة.
وقرمونة مدينة ومعقل في غاية المنعة والارتفاع، ومن كور إشبيلية كورة شدونة وهي من أجل كور إشبيلية محرثا وشجرا وهي إلى جانب البحر المحيط، ومن مشاهير أعمال إشبيلية جزيرة قبطل وهي جزيرة كبيرة في نهر إشبيلية والماء عندها غير عذب لقرب البحر المحيط منها، وقبالة إشبيلية مدينة طريانة وهي كالحاضر لإشبيلية لأنها أمامها من البر الآخر على نهرها الأعظم، وطريانة على نشز من الأرض وترك وجهها الذي يلي النهر من غير سور، بل هو طراز من مناظر قد أتقنت بالبياض والزخرفة تخطف بالأبصار عند وقع شعاع الشمس عليها، والمياه مجلوبة إلى طريانة من غير نهرها.
مخ ۱۸۹