وأشكل توجيهها على الأصحاب؛ وقد أفردنا لها جزءًا (^١).
ومنها: أنَّه يجوز استيفاء الحقِّ من مال الغريم إذا كان ثَمَّ سبب ظاهر يحال الأخذ عليه، ولا يجوز إذا كان السَّبب خفيًّا (^٢)، هذا ظاهر المذهب.
فيباح للمرأة أن تأخذ من مال زوجها نفقتها ونفقة ولدها بالمعروف، وللضَّيف إذا نزل بقومٍ فلم يَقْرُوه أن يأخذ من أموالهم بقدر قراه بالمعروف؛ لأنَّ السَّبب إذا ظهر لم ينسب الآخذ إلى خيانة، بل يحال أخذه على السَّبب الظَّاهر، بخلاف ما إذا خفي؛ فإنَّه ينسب بالأخذ إلى الخيانة.
(^١) وهي رسالة بعنوان: تعليق الطلاق بالولادة، مطبوعة بتحقيق الأخ/ مصطفى بن محمد القباني، عن دار الأوراق الثقافية.
(^٢) كتب على هامش (ن): (لا يظهر كون هذه المسألة من فروع القاعدة المذكورة؛ لأن القاعدة أن نجد أثرًا، ونتردد في علته، وهنا لم يوجد أثر يتردد في علته، وإنما المقصود في هذه المسألة: جواز الإقدام على الأخذ بسببه الظاهر، وجواز الإقدام على الأخذ بالسبب المذكور ليس مما يشك في سببه وعلته قبل وقوعه، وبعد الأخذ لا يقع الشك في سببه، فليست هذه المسألة من القاعدة أصلًا، وكذلك إذا كان السبب خفيًّا فلا تردد في علة الأخذ ولا في علة الإقدام عليه، وإنما يكون فرع هذه القاعدة: ما إذا وجدنا شخصًا قد أخذ من مال غيره شيئًا، وكان له على ذلك الشخص نظير ما أخذ، وشككنا هل أَخْذُه بدلُ ما له عليه أم لا؟ فهذا يحتمل أن يحال أخذه على السبب المعلوم، فيكون قد أخذ ما يباح له).