وقولنا: نقلًا متواترًا تحرزًا من آيات ليست في المصحف نقلها الآحاد ولا يحتج بها عند مالك، لأنها لم تنقل نقل القرآن من التواتر، ويحتج بها عند أبي حنيفة كأخبار الآحاد.
وقولنا: بالقراءة المشهورة نعني به القراءات السبع وما في مثلها أو يقاربها في الشهرة وصحة النقل كقراءة يعقوب وابن محيصن وتحرزنا بذلك من القراءة الفاذة (١).
ولا يجوز أن يقرأ بحرف إلا بثلاثة شروط:
- أحدها: أن يوافق خط المصحف.
- والثاني: أن ينقل نقلًا صحيحًا مشهورًا.
- والثالث: أن يوافق كلام العرب ولو في بعض اللغات أو بعض الوجوه.
وقد وقع في القرآن ألفاظ من غير لغة كالمشكاة والإستبرق (٢) ووقع فيه الحقيقة والمجاز جريًا على منهاج كلام العرب (٣).
الباب الثالث: في السُّنَّة
وهي ثلاثة أنواع: قول النبي ﷺ وفعله وإقراره (٤).
- فأما قوله ﷺ فيحتج به كما يحتج بالقران، لأنه ﷺ لا ينطق عن الهوى، ولقوله تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾ [آل عمران: الآية ٣٢] ويجري فيه ما يجري في القرآن من المباحث اللغوية فإنها إنما تنصرف في الأقوال.
- وأما فعله ﷺ فينقسم قسمين: قربات وعادات.
فإن كان عادات كالأكل واللباس والقيام والقعود فهو دليل على الجواز (٥) فإتباعه ﷺ في كيفية ذلك وصفته حسن.
وإن كان من القربات فهو ثلاث أوجه:
- أحدها: أن يفعله بيانًا لغيره، فحكمه حكم ذلك المبين، فإن بيَّن واجبًا فهو واجب، وإن بيِّن مندوبًا فهو مندوب.
_________
(١) انظر المستصفى ١/ ١٠١ - ١٠٢، وروضة الناظر ١/ ١٨٠.
(٢) انظر المستصفى ١/ ١٠٥ - ١٠٦، والأحكام للآمدي ١/ ٣٨.
(٣) انظر المستصفى ١/ ١٠٥، والأحكام للآمدي ١/ ٣٥ - ٣٧.
(٤) انظر الأحكام للآمدي ١/ ١٢٧.
(٥) انظر الأحكام للآمدي ١/ ١٣٠.
1 / 177