مسألة: (في وجوب النظر) أول الأفعال المقصودة التي لا يصح خلو العاقل منها وجوبا النظر المؤدي إلى المعرفة، يفرق ما بين الحق والباطل.
لأن كل عاقل نشأ بين العقلاء يعلم اختلافهم، ودعوة كل فريق منهم إلى مذهبه وتخويفه من خلافه، فيخافهم لا محالة، وإذا خاف وجب عليه التحرز مما خافه، لعلمه ضرورة بوجوب التحرز من الضرر.
فلا يخلو أن يتحرز باتباع الجل، أو اطراح الجل، أو اتباع بعض عن نظر، أو تقليد.
واتباع الجل محال، لتنافي ما بينهم.
واطراح الجل يقتضي كونه على ما كان عليه من الخوف.
واتباع البعض عن تقليد لا يرفع خوفه مما أطرحه من المذاهب، لتجويز كونه حقا، ولا يقتضي سكونه إلى ما ذهب إليه، لتجويز كونه باطلا.
فلم يبق لتحرزه من الضرر المخوف إلا النظر المميز للحق من الباطل، فوجب فعله، لكونه تحرزا من ضرر (وليس لأحد أن يعترضنا بأن:) ما يعطينا هذا الاستدلال وجوب النظر للتحرز من ضرر المذاهب، ولا يفيد الوجه الذي يشترطونه في وقوع المعارف المتولدة (1) عن النظر الموقع الذي يستحق بها وبما تولدت عنه الثواب ويؤمن العقاب.
لأن الوجه الذي لأجله وجب النظر على جميع الطرق كونه تحرزا من
مخ ۶۵