پرمختګی حرکت په امریکا کې: ډیره لنډه مقدمه

مروه عبد فتاح شهاته d. 1450 AH
24

پرمختګی حرکت په امریکا کې: ډیره لنډه مقدمه

الحركة التقدمية في أمريكا: مقدمة قصيرة جدا

ژانرونه

في عام 1912، أعلن روزفلت - بعد كثير من التأمل الذاتي - «خوض السباق الرئاسي»، انزعج لافوليت بشدة، وفي خطاب ألقاه في شهر فبراير في حفل عشاء جمعية الناشرين الدوريين، صب لافوليت جام سخطه على الصحافة بدرجة عنيفة للغاية في خطاب مشتت حتى إن تلك الواقعة فسرت على نحو قاس على أنها انهيار عصبي، وتقوض ترشحه للرئاسة. فاز روزفلت بمعظم الانتخابات الأولية القليلة، وفي غضون ذلك، فاقه تافت براعة في المناورات وجمع في هدوء تأييد أغلبية الموفدين إلى مؤتمر الحزب الجمهوري وقيادة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، التي من المقرر أن تعين أكثر من 250 موفدا، وضعتهم جميعا تقريبا في صف تافت. لم يدرك روزفلت، الذي أضاع الوقت سدى، سيطرة تافت على آليات عمل الحزب الجمهوري قط. وفي مؤتمر الحزب في شيكاجو في يونيو عام 1912، فازت قوى تافت بالأصوات الإجرائية الأولى، والتي تضمنت نزاعات الاعتماد. وقفت القلة المتبقية من مؤيدي لافوليت خلف تافت، وتمت إعادة ترشيحه. وكما جاء على لسان المؤرخ لويس إل جولد، كان المؤتمر «أشبه بمباراة ملاكمة حرة» تفوق فيها تافت المعروف عنه اللطف والدماثة على سالفه المشاكس.

وفي أواخر الشهر نفسه، اجتمع الديمقراطيون في بالتيمور لتحديد مرشحهم الرئاسي. تفوق تشامب كلارك من ميزوري ورئيس مجلس النواب على الديمقراطيين الطامحين في الترشح في الاقتراعات المبكرة، لكنه لم يحقق قط أغلبية الثلثين اللازمة لاختيار مرشح الحزب الديمقراطي في الرئاسة آنذاك. وفي هدوء جمع وودرو ويلسون، حاكم نيوجيرسي، تأييد الموفدين إلى مؤتمر الحزب، وعندما أعلن برايان - الذي كان لا يزال يمثل قوة كبيرة داخل الحزب وقد كان هو من وضع برنامج الحزب - دعمه لويلسون، احتل ويلسون المرتبة الأولى في الاقتراع السادس والأربعين. كان ويلسون قد انتخب حاكما لنيوجيرسي قبل عامين فقط، وكان ذلك المنصب الانتخابي الوحيد الذي احتله. وقبل ذلك، عمل أستاذ علوم سياسية، ثم رئيسا لجامعة برنستون لثماني سنوات. ولد وودرو ويلسون في مدينة ستانتن بولاية فيرجينيا لقس بالكنيسة المشيخية موال للجيش الكونفدرالي، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة جونز هوبكنز ثم انضم إلى هيئة التدريس بجامعة برنستون عام 1890. كان ويلسون باحثا لامعا، وخطيبا جذابا، لكنه ذو شخصية جافة. أشار أحدهم ذات مرة إلى أن الجميع كان ينادي روزفلت ب «تيدي»، لكن لم يناد أحد قط ويلسون ب «وودي».

وفي أوائل أغسطس عام 1912، التقى ثيودور روزفلت ومؤيدوه في شيكاجو وانشقوا عن الحزب الجمهوري، وهتفوا: «نحن أمام معركة فاصلة، ومعركتنا في سبيل الرب.» وأصبح روزفلت مرشح الحزب التقدمي الوطني، الذي يطلق عليه أحيانا «حزب ثور الموظ»؛ وذلك لأنه عندما سئل روزفلت في يونيو عما يشعر به، صرح: «أشعر أنني في قوة ثور الموظ.» اختير هيرام جونسون حاكم كاليفورنيا، وهو أبرز التقدميين في الغرب، مرشحا لمنصب نائب الرئيس. وعلى مدار شهور الصيف، ازداد روزفلت انزعاجا؛ لأنه ببساطة لم يكن قادرا على تقبل حقيقة أن تافت فاقه براعة في المناورة. عكس برنامج حزب ثور الموظ الكثير من أفكار الرفاهية الاجتماعية التي رددها روزفلت في خطاب أوسواتومي قبل عامين، بيد أنه نادى بمنح المرأة الحق في الانتخاب على المستوى الوطني وأيد قوانين الحد الأدنى للأجور، التي كانت فكرة متطرفة آنذاك. وقد أيد أيضا سحب الثقة بالتصويت الشعبي من القضاة والأحكام القضائية، وهو ما أفقده دعم الجمهوريين المعتدلين. رفض روزفلت «وروحه المنقسمة حول مسألة العرق» بندا ببرنامجه ينادي بالمساواة العرقية تقدمت به الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين. وعليه دعم الكثير من الناخبين السود ويلسون، وهو الأمر الذي ندموا عليه فيما بعد. فبعد تولي وودرو ويلسون المنصب، فرضت فيرجينيا فصلا عنصريا على إدارة مكاتب البريد ورفضت نقض قانون يحظر الزواج بين الأعراق المختلفة في منطقة كولومبيا.

كان برنامجا الإصلاح التقدميان مختلفين تماما. واصل روزفلت تسمية برنامجه «القومية الجديدة»، وقابله ويلسون بتسمية برنامجه «الحرية الجديدة». اتفق الاثنان على أن التغيير أصبح ضرورة ملحة، وأن «الشعب» من يجب أن يحكم وليس «أصحاب المصالح الخاصة»، وأن الحكومة - الفيدرالية - منوط بها دور هام، وأن ارتقاء المجتمع يعني ارتقاء معيشة أفراده، لكنهما لم يتفقا على كيفية بلوغ تلك الأهداف.

من وجهة نظر روزفلت وبرنامج «القومية الجديدة»، الشركات الكبرى - المؤسسات التجارية الضخمة - لن تزول رغم أنها كانت تتصرف دائما بأنانية وعلى نحو غير ديمقراطي. يكمن الحل في وضع قواعد تنظيمية فيدرالية أقوى، خاصة من خلال هيئات منفصلة عن الكونجرس والسلطة التنفيذية، على غرار لجنة التجارة بين الولايات التي أنشئت عام 1887 وتعززت صلاحياتها عدة مرات منذ ذلك الحين، غير أن اللجنة احتاجت إلى سلطات أكثر بكثير. بالإضافة إلى ذلك، أكد برنامج حزب ثور الموظ على أهمية العدالة الاجتماعية وإدخال النظام الديمقراطي على الحكومة عبر القوانين التي تحد من ساعات العمل للنساء والأطفال، وتقر حدا أدنى للأجور، ورواتب التقاعد لكبار السن، وتقدم تعويضات للعمال. قدم هذا البرنامج قائمة منشودة لكثير من الإصلاحات التي دار حولها الكثير من النقاش، مع وجود لجان تنظيمية فيدرالية قوية في قلب تلك الإصلاحات، لضمان تنفيذها.

بدا برنامج ويلسون «الحرية الجديدة» أقل تطرفا (أو أقل تقدمية، وفقا لمنظور كل فرد) إلا أنه كان يمثل فحسب شكلا آخر من الحركة التقدمية. كان روزفلت يقود حركة انفصالية عن الحزب الجمهوري، وكان من المفترض أن يكفل له الجمهوريون التقدميون الدعم إذا كان سيحظى بأي منه؛ من ثم عكست الإجراءات والمناهج التي أعدها الرغبات الإصلاحية لمنطقتي الشمال الشرقي والجزء العلوي من الغرب الأوسط الحضريتين الصناعيتين، وهما من مناطق النفوذ الجمهوري الإصلاحي، وبدت الإصلاحات مألوفة إلى حد بعيد، في حالات كثيرة؛ إذ تم تجريبها بصور مختلفة على مستوى الولايات. على الجانب الآخر، تمثلت مهمة ويلسون في تنشيط ما نطلق عليه اليوم «القاعدة الديمقراطية» التي تألفت من الزراعيين بالجنوب والغرب الأوسط بصورة رئيسية. وبناء عليه تحتم على برنامج «الحرية الجديدة» أن يعكس التقاليد والقناعات الطويلة الأمد الخاصة بسلطات الولايات في الجنوب، جنبا إلى جنب مع مصالح الزراعيين من جميع الطوائف.

مما لا شك فيه أن الحزب الديمقراطي شهد إصلاحات كثيرة تحت زعامة برايان، وسيستمر الحزب في دعم تلك الإصلاحات تحت قيادة ويلسون. أكدت الحركة التقدمية، على نمط ويلسون، على تفكيك الاتحادات الاقتصادية (أي الاتحادات الاحتكارية وغيرها من المؤسسات التجارية الضخمة) من خلال ملاحقات قضائية قوية لمناهضة الاحتكار، وخفض التعريفة الجمركية بشدة، والتي لم تحم المنتجات الزراعية، بل استنزفت المزارعين باعتبارهم مستهلكين، ونقل السيطرة على المصارف والعملة بعيدا عن آل مورجان وغيرهم من كبار المصرفيين إلى الشعب. عبر برنامج «الحرية الجديدة» عن الدوائر الانتخابية الديمقراطية ذات الغلبة الزراعية، والأقل مدنية وصناعية، مؤكدا على العودة إلى المنافسة على نطاق أصغر وتكافؤ الفرص، بنحو أقل اعتمادا على الحكومة منه في برنامج «القومية الجديدة»؛ ليس عبر اللجان التنظيمية بالطبع. صرح ويلسون في خطاباته أنه لا يرغب في أن تتحكم الحكومة الفيدرالية في الاقتصاد، كما بدا أنه ما ينشده روزفلت، بل يرغب في الاستعانة بالحكومة لإزالة الحواجز التي تعيق المنافسة مثل التعريفة الجمركية والاتحادات الاحتكارية، وبذلك، كما يمكن لنا أن نقول، «تمهيد ساحة التنافس الاقتصادي»، وحينئذ يمكن للحكومة الخروج من اللعبة. زعم ويلسون أن برنامج الحزب «ينادي بالحرية في حين أن الآخر [برنامج حزب ثور الموظ] ينادي بقواعد تنظيمية.» فعلى النقيض من برنامج «القومية الجديدة»، لم يطالب ويلسون والديمقراطيون بمنح المرأة الحق في الانتخاب، وهو الأمر الذي رآه الجنوب شديد التطرف. بعد بضع سنوات، صدقت هيئة تشريعية واحدة فقط بإحدى ولايات الجنوب (الهيئة التشريعية لتينيسي) على التعديل الدستوري الخاص بحق المرأة في الانتخاب.

تعكس البرامج الحزبية ما يود أن يراه نشطاء الحزب يتحقق. بدأ برنامج الحزب الديمقراطي لعام 1912 بدعوة لإصلاح التعريفة الجمركية؛ حيث إن «التعريفة الجمركية المرتفعة هي السبب الرئيسي وراء التوزيع غير العادل للثروة، الذي يجعل الأغنياء أكثر ثراء، والفقراء أشد فقرا ... فالمزارع والعامل الأمريكيان من يتكبد المعاناة الكبرى بسبب هذا.» ثم طالب بعد ذلك بتطبيق صارم وتعزيز «القانون الجنائي والمدني على حد سواء في مواجهة الاتحادات الاحتكارية والمسئولين عنها.» ثم أكد مجددا على سلطات الولايات (في إشارة إلى ولايات الجنوب)، ودعا إلى قوانين من شأنها تفعيل التعديلات الدستورية الجديدة الخاصة بضريبة الدخل والانتخاب المباشر لأعضاء مجلس الشيوخ، وأيضا دعم الانتخابات الأولية لاختيار المرشح الرئاسي في كل ولاية، وأيد حظر تقديم المؤسسات التجارية تبرعات للحملات السياسية. أراد البرنامج تنظيم عمل «شركات السكك الحديدية، وشركات الشحن السريع، ونظام التلغراف، وخطوط الهاتف المرتبطة بالتجارة بين الولايات» بغية حماية شاحني البضائع والمستهلكين (الزراعيين). كذلك عارض البرنامج إنشاء مصرف مركزي (خشية سيطرة مؤسسات وول ستريت عليه)، ودعا إلى الائتمان الزراعي لحماية ملكية المزارع، والتعليم المهني (لا سيما الزراعي)، وإنشاء وزارة عمل فيدرالية، والحفاظ على الموارد الطبيعية، واتخاذ الإجراءات ذات الصلة. وعلى مستوى السياسة الخارجية، طالب برنامج الحزب باستقلال الفلبين، مرددا مذهب برايان المناهض للإمبريالية عام 1898. وبهذا أنهى الديمقراطيون صلتهم بالجمهوريين الاستعماريين.

وإلى جانب روزفلت وويلسون، اللذين مثلا الوسط التقدمي عام 1912 بطرقهما الخاصة، ضمت المنافسة الانتخابية مرشحين آخرين بارزين: تافت ممثلا لليمين، ويوجين في ديبس، مرشح الحزب الاشتراكي، ممثلا لليسار. يستحق ديبس والاشتراكية الأمريكية (وسبب ضآلة انتشارها) أن نقف عندهما قليلا. استخدمت كلمتا «اشتراكي» و«اشتراكية» كثيرا للغاية في الماضي من قبل الساسة الأمريكيين اليمينيين للدلالة على أي شيء يؤيد الصالح العام أو العدالة الاجتماعية بدرجة حطت من قدرهما. كان الحزب الاشتراكي الأمريكي الفعلي في أوائل القرن العشرين يعد «اتحادا واحدا ضخما» لجميع العمال، مرددا شعار فرسان العمل والشعبويين: «وحدة الطبقات المنتجة»، كما دعا الحزب إلى الملكية المشتركة لوسائل الإنتاج؛ ومن ثم محو المؤسسات التجارية. انقسم الاشتراكيون في البداية حول ما إذا كان ينبغي استخدام العنف في مواجهة إدارات المؤسسات الرأسمالية، لكن الحزب التزم السلمية، وانفصل عن الجناح المتطرف (الفوضوي بعض الشيء) منه الذي يدعى «اتحاد العمال الصناعيين الدولي».

كان يوجين في ديبس الزعيم الأبرز للاشتراكية في الحقبة التقدمية. أصبح ديبس، المنحدر من تير هوت بولاية إنديانا، الذي كان ديمقراطيا في الأساس، ناشطا في مجال الحركة العمالية. أسس اتحاد عمال السكك الحديدية الأمريكيين، الذي قاد إضراب بولمان عام 1894. ألقي القبض على ديبس، وأمضى ستة أشهر في السجن، وخرج منه أكثر قناعة من أي وقت مضى بأنه لا بد من القضاء على رأسمالية الشركات من أجل صالح العمال. أصبح ديبس، الخطيب الملهم، مرشح الحزب الاشتراكي للرئاسة عام 1900، ورشح مرة أخرى في انتخابات أعوام 1904 و1908 و1912 و1920. أطلق ديبس تلك الحملة الرئاسية الأخيرة من داخل السجن؛ حيث أودعه منفذو قوانين جرائم التحريض على الفتنة إبان إدارة ويلسون وقت الحرب في السجن لقضاء عقوبة تبلغ عشرين عاما. (أطلق الرئيس وارن هاردينج سراحه يوم عيد الكريسماس عام 1921، بعد حبسه لمدة عامين ونصف.) علق أحد المعلقين على ديبس قائلا إنه: «دعا العاملين من جميع الطبقات لتشكيل مجتمع يتميز بالسخاء الشخصي في الحياة الخاصة، والمسئولية المشتركة في الاقتصاد السياسي، والتضامن الحقيقي عبر كل تلك الحدود التي تفصل الناس وتحطم أرواحهم.» كما آمن بشدة بالديمقراطية الاقتصادية والصالح العام.

ناپیژندل شوی مخ