پرمختګی حرکت په امریکا کې: ډیره لنډه مقدمه

مروه عبد فتاح شهاته d. 1450 AH
17

پرمختګی حرکت په امریکا کې: ډیره لنډه مقدمه

الحركة التقدمية في أمريكا: مقدمة قصيرة جدا

ژانرونه

ثمة سمة أخرى غير محببة وهي التدخل ذو النزعة الأخلاقية في سلوكيات الناس؛ حظر المشروبات الكحولية، وتنظيم الأخلاقيات الجنسية، والرقابة، وقوانين الزواج والطلاق المقيدة، وإجراءات تحسين النسل التي تضمنت عمليات التعقيم الإجباري للمعاقين ذهنيا. مما لا شك فيه أن روزفلت كان زعيما للإمبريالية الأمريكية. انطوت الحركة التقدمية - سواء على خطا روزفلت أو غيره - على جانب كبير من التسلط الأخلاقي في كثير من الأحيان.

أقنعت إدارة ثيودور روزفلت للحكم والمنعطف الحاد الذي سلكته بعيدا عن أسلافه المباشرين الكثير من المؤرخين بتحديد تاريخ بداية الحقبة التقدمية من سبتمبر عام 1901، حين خلف روزفلت ماكينلي في الحكم. وهذا أمر ملائم وليس خطأ تماما؛ فقد كانت فترة تولي روزفلت لمقاليد الحكم مهمة. وبالرغم من صعوبة تقبل نزعته العنصرية أو إيمانه بتفوق العرق الأنجلوساكسوني على غيره أو إمبرياليته المشربة بالروح العسكرية، فقد حفز تضافر الكثير من خيوط الإصلاح المتعثرة والمتصارعة. وقد كان روزفلت سببا للتآزر، وبحلول الوقت الذي ترك فيه كرسي الرئاسة، اضطر حتى المحافظون المتشددون إلى إفساح المجال أمام التغيير.

إلا أنه في واقع الأمر، حدث الكثير من الإصلاحات بمعزل تام عن تأثير روزفلت، وبعضها وقع قبل مجيئه؛ فقد اجتاح القطاع الخاص - لا سيما النساء حتى مع عدم امتلاكهن حق الانتخاب فيما عدا بضع ولايات غربية - موجة من النشاط الإصلاحي منذ عام 1889 على الأقل، حين أسست جين آدمز وإيلين جيتس ستار مركز التكافل الاجتماعي هال-هاوس في شيكاجو. كان حقل نشاطهما ونجاحهما هو تحقيق التقدم في مجال العدالة الاجتماعية. أسفرت تسعينيات القرن التاسع عشر، التي هيمنت عليها الإضرابات والكساد، عن موجات إصلاحية، لم تقتصر على حزب الشعب وبرنامج أوماها الشامل خاصته الذي ظهر في عام 1892. وفي وقت مبكر منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر، انضم الكثير من النساء المنتميات إلى الطبقة الوسطى في المدن من مختلف أنحاء البلاد إلى نواد نسائية وطالبن المسئولين الرجال بالمدن بإشراكهن في إدارة الشئون المحلية، وطالبن بشوارع أنظف ومياه أنقى وأعمال نظافة أفضل وشبكات للصرف الصحي. كانت إلين سوالو ريتشاردز - أول فتاة تتخرج في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا - رائدة في مجال معالجة المياه بالكلور منذ أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر. لم تتول ماري ماكدويل إدارة مركز التكافل الاجتماعي التابع لجامعة شيكاجو في منطقة حظائر الماشية بشيكاجو فحسب، بل جاهدت أيضا في سبيل تنظيف مستودعات القمامة والمجازر، ووقفت للدفاع عن العاملات في مصانع تعبئة اللحوم عندما دخلن في إضراب ضد المديرين الذين خفضوا أجورهن، ولعبت دورا كبيرا في مساعدة أولئك النساء على تكوين نقابة عمالية وتمكين أنفسهن. قادت امرأة أخرى، وهي كيت جوردن بمدينة نيو أورليانز، حملة للموافقة على إصدار سندات حكومية عام 1899 لتحمل تكاليف توفير مياه نقية ونظام صرف صحي للمدينة. وبفضل استعانة الناشطات المصلحات بما سماه أحد المؤرخين «المنهج التقدمي الثلاثي الشعب: الاستقصاء والتثقيف والإقناع»، استطعن جعل الكثير من المدن والأحياء أنظف وأكثر ملاءمة وجاذبية. توسعت التغييرات اللاتي شرعن فيها في ثمانينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر من حيث النطاق والمساحة بعد عام 1900. وانحسرت الأمراض المعدية بعد معرفة أسبابها ونشرها، ومع ازدياد ضم المجالس الطبية وإدارات النظافة العامة لأشخاص مدربين بصورة علمية، أقنع هؤلاء المتخصصون - ذكورا وإناثا - الناس بحقيقة نظرية جرثومية المرض، على الرغم من معارضة الأطباء لها في البداية.

كان تطوير التعليم، من حيث المحتوى والإتاحة على حد سواء، محل تركيز رئيسيا للتقدميين. في عام 1900، كان ما يقرب من نصف تعداد الأطفال بالبلاد الذين تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات وتسع عشرة سنة ملتحقين بالمدارس؛ وبحلول عام 1920، زادت النسبة إلى الثلثين تقريبا. وتضاعف عدد خريجي المدارس الثانوية إبان تسعينيات القرن التاسع عشر من 44 ألفا إلى 95 ألفا، وتضاعف ثلاث مرات ليصل إلى 311 ألف خريج عام 1920. تراجعت الأمية إلى النصف؛ فانخفضت مما يربو على 13 في المائة من تعداد السكان الذين تبلغ أعمارهم عشر سنوات فما فوق في عام 1890 إلى 6 في المائة في عام 1920. انتشرت الحضانات - التي كانت قليلة للغاية قبل عام 1900 - في وقت مبكر من القرن العشرين، وتأسس ما يقرب من نصف مليون حضانة بحلول عام 1920. وعلى الطرف الآخر من السلم التعليمي، توسعت الكليات والجامعات والكليات المهنية في الحجم وفيما تتضمنه مناهجها، مع ازدياد الحاجة إلى أفراد يتمتعون بدرجة أعلى من التدريب والتعليم، وذلك مع تحول المجتمع الأمريكي يوما بعد يوم إلى مزيد من المدنية والاعتماد على التكنولوجيا، في قطاعات بعينها على الأقل. ويرجع تاريخ تأسيس جامعات وكليات «الزراعة والميكانيكا» مثل جامعة كانساس ستيت أو جامعة كاليفورنيا بمدينة ديفيز إلى قانون موريل لمنح الأراضي للكليات والجامعات عام 1862، لكن بعد عام 1900 أخذت تلك الهيئات التعليمية تدرس «الزراعة العلمية» للتشجيع على الحفاظ على البيئة جنبا إلى جنب مع تحقيق الأرباح. خضع التعليم الطبي، الذي اتسم بالفوضوية في السابق، إلى إصلاح عام بعد عام 1910، وذلك عندما أصدر أبراهام فليكسنر تقريرا كان بمثابة علامة فارقة دعا فيه إلى معايير وعمليات ترخيص منهجية. أيضا كان التعليم القانوني يتغير؛ بدأت الممارسة التقليدية الخاصة بقراءة كتب القانون والعمل تحت التمرين لدى محام ذائع الصيت في التغير إلى دراسة رسمية بكليات الحقوق.

شكل 3-3: «الصديقتان الوفيتان للفقراء.» صورة التقطت في عام 1914 تجمع بين جين آدمز (على اليسار)، التي شاركت في تأسيس مركز هال-هاوس للتكافل الاجتماعي، وماري ماكدويل (على اليمين)، رئيسة مركز التكافل الاجتماعي التابع لجامعة شيكاجو، وتعدان من رواد العمل الاجتماعي.

لم يكن التغير سريعا على الدوام، لكنه حدث، وحدث على الأرجح على نحو ابتكاري في مجال الدراسات العليا أكثر من أي مجال آخر. تأسست أول جامعة بحثية حقيقية، جامعة جونز هوبكنز، عام 1876، تبعتها جامعة شيكاجو عام 1890 وستانفورد عام 1891، في حين أن المؤسسات الجامعية المرموقة، على غرار هارفرد ويال وميشيجان وويسكونسن وجامعة كاليفورنيا ببيركلي، أعادت تنظيم نفسها بحيث تتضمن أقساما للدراسات العليا وبرامج لرسائل الدكتوراه. ونتيجة لذلك، بدأت العلوم الاجتماعية المهنية (علم الاجتماع والاقتصاد السياسي والتاريخ والاقتصاد والإحصاء) في الظهور في ثمانينيات القرن التاسع عشر وتسعينياته. وقد وفرت تلك الجامعات مجموعة من الخبراء بعد عام 1900، لعبوا دورا حيويا في الإصلاحات والهيئات التنظيمية على كافة المستويات الحكومية وفي القطاع الخاص.

أنشئت أقسام العلوم الاجتماعية الجديدة بالجامعات البحثية وفقا للنموذج الألماني بصفة عامة، وكثير من الأساتذة الرواد بتلك الأقسام حصلوا على تعليمهم في ألمانيا. من بين هؤلاء كان ريتشارد تي إيلي، الذي حصل على درجة الدكتوراه من جامعة هايدلبرج، وعمل في البداية بجامعة جونز هوبكنز ثم بجامعة ويسكونسن. علم ريتشارد إيلي العديد من قادة الجيل التالي من علماء الاقتصاد، وبخاصة جون آر كومنز، المحلل الرائد لاقتصاديات العمل في عصره. كان من بين علماء الاجتماع الجدد عالم الاجتماع ليستر فرانك وارد، وأستاذ علم النفس التربوي جي ستانلي هول، والمؤرخ تشارلز إيه بيرد. جمعت بين هؤلاء عدة رؤى مشتركة، جميعها تهدم عقائد عدم التدخل العقلانية الجامدة، المنتشرة بصورة شائعة للغاية والمقاومة للتغيير بشدة. آمنوا على نحو رئيسي بأن السياسات والنظم الاقتصادية ينبغي ولا بد لها أن تتغير مع مرور الوقت. لم ينظروا إلى المجتمع على أنه مجموعات من الأفراد المنعزلين، بل كيانات؛ فالأفراد والنظم الاقتصادية والجماعات الاجتماعية لا تعيش بمعزل بعضها عن بعض؛ ومن ثم، ينبغي أن تقوم السياسات على الأدلة التجريبية، التي يقيمها ويفرزها الخبراء في علم الاجتماع والاقتصاد السياسي والعلوم ذات الصلة، الذين سيبتكرون بناء عليها برامج وسياسات تنفذها الحكومة من أجل صالح الكيان الاجتماعي. كان للأدلة أهمية جوهرية، فتحمسوا لجمعها. أنشأت حكومات الولايات والحكومات المحلية العديد من الهيئات على هذا المنوال، من بين الأمثلة على المستوى الفيدرالي مكتب الشركات (1903)، ولجنة ديلنجهام للهجرة (1907)، ومكتب الطفولة (1912)، الذي حث التقدميون من النساء الرئيس تافت على دعمه. في المجمل، ساهموا في تأسيس قاعدة للتغيير السياسي والاجتماعي حظيت بالاحترام على المستوى الفكري، بالرغم من أن الهيئات ستصبح بيروقراطية ومتزمتة، ولكن جسدوا الروح التقدمية، ومنذ منتصف ثمانينيات القرن التاسع عشر فصاعدا، وبأعداد وقوة متزايدة، طرح علماء الاجتماع الأكاديميون أفكارا وبرامج للإصلاح الحكومي والاجتماعي.

من بين أسباب نجاح بعض علماء الاجتماع الجدد في الترويج لإحداث تغييرات اجتماعية جذرية - وبعضهم (مثل إيلي) أثار غضب مجالس الأمناء المحافظة التي كادت تفصلهم من العمل - أنهم صاغوا أفكارهم ورؤاهم بلغة دينية. كانت «الاشتراكية» حينئذ، كما هي الآن، كلمة ممقوتة في الحديث الأمريكي، ومع أن قلة قليلة على غرار القس الأسقفي ويليام دي بي بليس أيدوا لقب «الاشتراكي المسيحي»، فقد حبذ معظم الأكاديميين ألا يصنفوا كاشتراكيين بل كعلماء اجتماع، رغم كونهم مسيحيين. وبهذا، أصبحوا جزءا من حركة متنامية في العديد من الطوائف البروتستانتية تدعى الإنجيل الاجتماعي. بدأ الشعور بأن الرأسمالية غير الخاضعة للقوانين التنظيمية والتي تميل للاحتكار؛ تسبب الضرر ليس فقط من الناحية الاجتماعية وإنما أيضا هي غير منصفة ومناهضة لتعاليم الدين المسيحي في الازدياد في ثمانينيات القرن التاسع عشر وتسعينياته، لا سيما بين القساوسة البروتستانت الذين كانوا يعتلون المنابر الدينية في المدن الكبيرة ويعملون بصفة يومية وسط الأحياء العشوائية والفقراء. بدأ بعضهم في تحويل أبرشياتهم إلى «كنائس مؤسسية»، تدأب على توفير الطعام والمأوى والخدمات المختلفة للفقراء والمشردين بالأحياء التابعة لها. كانت الفكرة الرئيسية لحركة الإنجيل الاجتماعي - التي ظهرت على نطاق الطوائف البروتستانتية الرئيسية بدءا من الأسقفية إلى المعمدانية - أن جانبا كبيرا من الحياة الحضرية والصناعية فاسد على نحو آثم، ولا بد من تغييره. اقتضت التعاليم المسيحية، لدى فهمها كما ينبغي، ذلك. لم يعد الذنب فرديا بل اجتماعيا. لم يكن السكر والبغاء هما التعديين الأخلاقيين الوحيدين، بل انضم إليهما أيضا ظروف العمل غير الإنسانية، والفقر وسوء توزيع الثروة، وغير ذلك من الأمراض الاجتماعية.

كان أفضل عالم لاهوت بين صفوف قادة حركة الإنجيل الاجتماعي هو القس المعمداني والتر راوشنبوش، الذي عمل مع الفقراء بمدينة نيويورك بحي هيلز كيتشن، وهو أحد الأحياء التي تقع بوسط الجانب الغربي. وفي كتابه «المسيحية والأزمة الاجتماعية» (1908)، أدان مستويات الأجور المتدنية وعدم العدالة الاقتصادية، وسيطرة الشركات على حكومات المدن، والتجارة العصرية باعتبارها «لعبة تشبه المصارعة في روما القديمة، لا تعرف الرحمة.» وكتب ملخصا الأمر:

التوبة عن خطايانا الاجتماعية الجماعية، والإيمان بإمكانية وحقيقة الحياة الروحية بين الجنس البشري، وتطويع الإرادة لخدمة أغراض مملكة الرب، والسماح بالوحي الإلهي بتحرير البصيرة الأخلاقية وتوضيحها، تلك هي الواجبات الأكثر جوهرية لرجل الدين الذي سيسهم في بناء العصر المسيحي القادم للبشرية.

ناپیژندل شوی مخ