تنزيه الشریعه
تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة
پوهندوی
عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله محمد الصديق الغماري
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۳۹۹ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ذَلِكَ مِنْ عَجَائِبِ خَلْقِ رَبِّي إِلَى مُنْتَهَى الأَرْضِ أَرَى ذَلِكَ كُلَّهُ بَعْضَهُ مِنْ تَحْتِ بَعْضٍ بَعْدَ مَا كَانَ يَشُقُّ عَلَيَّ رُؤْيَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَحَارُ بَصَرِي دُونَهُ، فَسَمِعْتُ فَإِذَا أَصْوَاتُ الْكُرُوبِيِّينَ وَمَا فَوْقَهُمْ وَصَوْتُ الْعَرْشِ وَصَوْتُ الْكُرْسِيِّ تَحْتَ الْعَرْشِ وَأَصْوَاتُ سُرَادِقَاتِ النُّورِ حَوْلَ الْعَرْشِ وَأَصْوَاتُ الْحُجُبِ قَدِ ارْتَفَعَتْ حَوْلِي بِالتَّسْبِيحِ لِلَّهِ وَالتَّقْدِيسِ لِلَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ فَسَمِعْتُ أَصْوَاتًا شَتَّى مِنْهَا صَرِيرٌ وَمِنْهَا زَجَلٌ وَمِنْهَا هَمِيرٌ وَمِنْهَا دَوِيٌّ وَمِنْهَا قَصِيفٌ مُخْتَلِفَةٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فَرُوِّعْتُ لِذَلِكَ رَوْعًا عَظِيمًا لِمَا سَمِعْتُ مِنَ الْعَجَائِبِ فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ لِمَ تَفْزَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ دَرَأَ عَنْكَ الرَّوْعَاتِ وَالْمَخَاوِفَ كُلَّهَا وَاعْلَمْ عِلْمًا يَقِينًا أَنَّكَ خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ وَصَفْوَتُهُ مِنَ الْبَشَرِ، حَبَاكَ بِمَا لَمْ يُحْبِهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلَقَدْ قَرَّبَكَ الرَّحْمَنُ ﷿ إِلَيْهِ قَرِيبًا مِنْ عَرْشِهِ مَكَانًا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ وَلا قُرِّبَ مِنْهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ قَطُّ لَا مِنْ أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَلا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ فَهَنَاكَ اللَّهُ كَرَامَتَهُ وَمَا احْتَبَاكَ بِهِ وَأَنْزَلَكَ مِنَ الْمَنْزِلَةِ الأَثِيرَةِ وَالْكَرَامَةِ الْفَائِقَةِ فَجَدِّدْ لِرَبِّكَ شُكْرًا فَإِنَّهُ يُحِبُّ الشَّاكِرِينَ وَيَسْتَوْجِبُ لَكَ الْمَزِيدَ مِنْهُ عِنْدَ الشُّكْرِ مِنْكَ، فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى مَا اصْطَفَانِي بِهِ وَأَكْرَمَنِي، ثُمَّ قَالَ جِبْرِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْظُرْ إِلَى الْجَنَّةِ حَتَّى أريك مَالك فِيهَا وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا فَتَعْرِفَ مَا يَكُونُ مِنْ مَعَادِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَتَزْدَادَ فِي الدُّنْيَا زَهَادَةً إِلَى زَهَادَتِكَ فِيهَا وَتَزْدَادَ فِي الآخِرَةِ رَغْبَةً إِلَى رَغْبَتِكَ فِيهَا، فَقُلْتُ نَعَمْ فَسِرْتُ مَعَ جِبْرِيلَ بِحَمْدِ رَبِّي مِنْ عِلِّيِّينَ يَهْوِي مُنْقَضًّا أَسْرَعَ مِنَ السَّهْمِ وَالرُّمْحِ، فَذَهَبَ رَوْعِي الَّذِي كَانَ قَدِ اسْتَحْمَلَنِي بَعْدَ سَمَاعِ الْمُسَبِّحِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَثَابَ إِلَيَّ فُؤَادِي فَكَلَّمْتُ جِبْرِيلَ وَأَنْشَأْتُ أَسْأَلُهُ عَمَّا كُنْتُ رَأَيْتُ فِي عِلِّيِّينَ، قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الْبُحُورُ الَّتِي رَأَيْتُ مِنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ وَالْمَاءِ وَالنَّارِ وَالثَّلْجِ وَالنُّورِ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ تِلْكَ سُرَادِقَاتُ رَبِّ الْعِزَّةِ الَّتِي أَحَاطَ بِهَا عَرْشَهُ، فَهِيَ سُتْرَةٌ دُونَ الْحُجُبِ السَّبْعِينَ الَّتِي احْتَجَبَ بِهَا الرَّحْمَنُ من خلقه، وَتلك السرداقات سُتُورٌ لِلْخَلائِقِ مِنْ نُورِ الْحُجُبِ، وَمَا تَحْتَ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، وَمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ مَا رَأَيْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَى مَا غَابَ مِمَّا لَمْ تَرَهُ مِنْ عَجَائِبِ خَلْقِ رَبِّكَ فِي عِلِّيِّينَ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ مَا أَكْثَرَ عَجَائِبَ خَلْقِهِ وَلا أَعْجَبَ مِنْ قُدْرَتِهِ عِنْدَ عَظِيمِ رُبُوبِيَّتِهِ ثُمَّ قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَنِ الْمَلائِكَةُ الَّذِينَ رَأَيْتُ فِي الْبُحُورِ وَمَا بَيْنَ بَحْرِ النَّارِ إِلَى بَحْرِ الصَّافِّينَ وَالصُّفُوفُ بَعْدَ الصُّفُوفِ، كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ مُتَضَامِّينَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، ثُمَّ مَا رَأَيْتُ خَلفهم نحوهم
1 / 166