تنزيه القرآن عن المطاعن
تنزيه القرآن عن المطاعن
ژانرونه
وجوابنا أن الجاحد لربه والمنكر للقول بان هذه النعم من جهة فاعل حكيم قد يجوز أن يقول لمن يعتقد ربه وان النعم من قبله هذا القول لظنه انه كالشبهة فيما ذهب اليه القول اذا كان الاطعام والارزاق من قبله تعالى فما الفائدة في ان يحوج العبد الى غيره وهلا كفاه بنفسه فعلى هذا الوجه يقع مثل هذا الكلام من العاقل ولو علموا ان الاحسان من الله على العبيد لا بد ان يكون بحسب المصالح وأنه قد يجعل حاجته الى غيره ويحمله الكلفة في ذلك لكي ينتفع فكون له مصلحة في الطاعة التي يلتمس بها الثواب وازالة العقاب لعلموا أن ذلك هو الحكمة والصواب وقوله تعالى (ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية) أحد البواعث على المبادرة الى الطاعات والى الثواب من حيث لا يأمن المرء الاحترام في كل وقت ولذلك قال تعالى (فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون) وقوله تعالى من بعد (فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون) يدل على ان العبد يفعل ويستحق على فعله الثواب أو العقاب وأنه لا يجوز أن يؤاخذ بعمل غيره وأنه لا يجوز منه تعالى أن يعذب الاطفال بذنوب الآباء وقوله تعالى من بعد (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان) المراد به القبول من الشيطان على ما تأولنا عليه قوله تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) قال صلى الله عليه وسلم لما أحلوا وحرموا بقولهم وصفهم بذلك وقوله تعالى من بعد (ولقد أضل منكم جبلا كثيرا) يدل على ان الاضلال في الدين لا يكون من قبله تعالى كما يقوله القوم والا كانت الاضافة الى الشيطان لا وجه لها وقوله من بعد (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) احد ما اذا تصوره المرء يكون زاجرا له عن المعاصي لئلا تشهد عليه جوارحه بها يوم القيامة فتكون الفضيحة الكبرى وقد بينا من قبل ان هذا الكلام يفعله تعالى فيصير بصورة أن يكون الكلام كلام اليد والرجل وأن هذا أقرب من قول من يقول هو كلامهم.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (ومن نعمره ننكسه في الخلق) كيف يصح ذلك والمعلوم من حال كثير ممن يعمر انه لا ينكس في الخلق؟ وجوابنا انه لا بد من تقدير شرط في الكلام فان التعمير هو تطويل العمر واطالة العمر قد تختلف فاذا بلغ حدا مخصوصا فلا بد من ان ينكسه في الخلق فتغير أحواله فيجب أن يكون هذا هو المراد.
[مسألة]
وربما تعلقوا بقوله تعالى (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) كيف يصح ذلك وهو صلى الله عليه وسلم أفصح العرب؟ وجوابنا أن المراد أن ما علمناه إنشاء الشعر فيكون حاله كحال من اتسع في معرفة اللغة فما هو منهم ولا يجوز حمله على أنه لم يكن يعرف أوزان الشعر أو لم يكن يحفظ الشعر فإنه كان يحفظه ولا ينطق به فإذا صار ذلك عادة له معروفة أبعد من التهمة فيما جعله الله معجزة له ولذلك قال تعالى (إن هو إلا ذكر وقرآن مبين).
[مسألة]
مخ ۳۵۰