261

تنزيه القرآن عن المطاعن

تنزيه القرآن عن المطاعن

ژانرونه

وربما قيل في قوله تعالى (أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين) كيف يصح ان يقول فانهم وإنما يقال في الأصنام فانها وكيف يصح ان يصفها بأنها عدو وهي جماد وكيف يصح أن يقول إلا رب العالمين فيستثني من الاصنام رب العالمين؟ وجوابنا أن إبراهيم صلى الله عليه أجرى كلامه على طريقة اعتقادهم وكانوا يعتقدون في الاصنام أنها تنفع وتضر كالناس بل أزيد فلهذا جمعها هذا الجمع ووصفها بهذا الوصف وإلا فهو عالم بأن الأمر بخلاف ذلك فنبأهم على أن كل ذلك يضرهم وانما ينتفعون بعبادة الله الذي خلق ويهدي ويطعم ويسقي الى سائر ما ذكره من نعمه. فان قيل كيف قال في جملة كلامه (واغفر لأبي) مع اصراره على الشرك؟ فجوابنا أنه دعا له على شرط التوبة والإنابة على ما تقدم قبل ذلك بيانه فإن قيل فكيف قال (ولا تخزني يوم يبعثون) وذلك ممتنع في الانبياء. فجوابنا أن الداعي قد يدعو بما يعلم أنه لا يقع على وجه الانقطاع إلى الله والتمسك بالخضوع وبين أنه في الآخرة لا ينفع مال ولا بنون وإنما تنفع الاعمال الصالحة الخالصة مما يفسدها وهو معنى قوله (إلا من أتى الله بقلب سليم وأزلفت الجنة للمتقين) وبين ما يقال لعابد الصنم في الآخرة بقوله (وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون) وما يقولون بقوله (تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين) وبين بقوله تعالى (وما أضلنا إلا المجرمون) بطلان قول من يقول إن الله يضلهم فالقرآن يكذب قولهم ثم ذكر تعالى بعد قصة موسى وهارون وقصة ابراهيم وقصة نوح وهود وصالح ولوط وشعيب ما نزل بهم من الامور وأنزل الله تعالى بأممهم من العذاب وكل ذلك ليتأمل القارئ في كتاب الله تعالى فيعرف بذلك قدرته وحكمته ويكون ذلك داعية طاعته والانصراف عن معصيته. فان قال ففي جملة كلام موسى صلى الله عليه وسلم (فعلتها إذا وأنا من الضالين) كيف يصح أن يصف نفسه مع نبوته بهذا؟ وجوابنا أن المراد بالضالين الذاهلون عن التمسك بالطاعة فيما أقدموا عليه لأن ذلك وإن لم يكن من الكبائر فهو من الصغائر. فان قيل ففي جملته (فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين) وقال في موضع آخر (كأنها جان) وذلك كالمتناقض. وجوابنا أن المراد أنها كالثعبان في العظم وكالجان في سرعة حركتها من حيث خلقت من نار السموم. فان قال ففي القصة أن رسولكم الذي أرسل اليكم لمجنون فأقر بأنه رسول كيف يصح ذلك؟

مخ ۲۹۷