والجواب الآخر: أن لفظه (لما) يطلب في جوابها الماضي، كطلب لفظه (إن) في جوابها المستقبل. فلما استحسنوا أن يأتوا في جواب (إن) بالماضي، ومعناه الاستقبال، لدلالة (أن) عليه، استحسنوا أن يأتوا بعد (لما) الاستقبال تعويلا على أن اللفظة تدل على مضيه. فكما قالوا إن زرتني زرتك، وهم يريدون إن تزرني أزرك. قالوا ولما تزرني أزرك، وهم يريدون لما زرتني زرتك. وأنشدوا في دخول الماضي في جواب إن قول الشاعر.
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا * مني وما سمعوا من صالح دفنوا وفي قول الآخر في دخول المستقبل جوابا بالماضي:
وميعاد قوم إن أرادوا لقاءنا * بجمع منى إن كان للناس مجمع يروا خارجيا لم ير الناس مثله * تشير لهم عين إليه وإصبع ويمكن في هذا جواب آخر، هو أن يجعل (يجادلنا) حالا لا جوابا للفظة لما. ويكون المعنى أن البشرى جاءته في حال الجدال للرسل.
فإن قيل: فأين جواب (لما) على هذا الوجه؟.
قلنا يمكن أن نقدره في أحد موضعين: إما في قوله تعالى: (إن إبراهيم لحليم أواه منيب) ويكون التقدير: قلنا إن إبراهيم كذلك.
والموضع الآخر أن يكون أراد تعالى (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط) ناديناه يا إبراهيم. فجواب (لما) هو ناديناه، وإن كان محذوفا ودل عليه لفظة النداء. وكل هذا جايز.
تنزيه إبراهيم عن القول بخلق الله للأفعال:
(مسألة): فإن قيل أليس قد حكى الله تعالى عن إبراهيم (ع) قوله إذ قال لقومه: (أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون) (1) وظاهر هذا
مخ ۶۱