تنزیه انبیا
تنزيه الأنبياء
الحدود عن الإمام مع تمكنه على أن هذا يلزم مخالفينا في الإمامة إذا قيل لهم كيف الحكم في الحدود التي تستحق في الأحوال التي لا يتمكن فيها أهل الحل والعقد من نصب إمام واختياره وهل تبطل الحدود أو تستحق مع تعذر إقامتها وهل يقتضي هذا التعذر نسخ الشريعة فأي شيء اعتصموا به من ذلك فهو جوابنا بعينه مسألة فإن قيل فالحق مع غيبة الإمام كيف يدرك وهذا يقتضي أن يكون في حيرة مع الغيبة فإن قلتم إنه يدرك من جهة الأدلة المنصوبة عليه قيل لكم هذا يقتضي الاستغناء عن الإمام بهذه الأدلة الجواب قلنا أما العلة المحوجة إلى الإمام في كل عصر وعلى كل حال فهي كونه لطفا فيما أوجب علينا فعله من العقليات من الإنصاف والعدل واجتناب الظلم والبغي لأن ما عدا هذه العلة من الأمور المستندة إلى السمع والعبادة به جائز ارتفاعها لجواز خلو المكلفين من العبادات الشرعية كلها وما يجوز على حال ارتفاعه لا يجوز أن يكون علة في أمر مستمر لا يجوز زواله وقد استقصينا هذا المعنى في كتابنا الشافي في الإمامة وأوضحناه ثم نقول من بعد أن الحق في زماننا هذا على ضربين عقلي وسمعي فالعقلي ندركه بالعقل ولا يؤثر فيه وجود الإمام ولا فقده والسمعي إنما يدرك بالعقل [بالسمع] الذي في مثله الحجة ولا حق يجب علينا العلم به من الشرعيات إلا وعليه دليل شرعي وقد ورد النقل به عن النبي (ص) والأئمة من ولده (صلوات الله عليهم) فنحن نصيب الحق بالرجوع إلى هذه الأدلة والنظر فيها والحاجة مع ذلك كله إلى الإمام ثابتة لأن الناقلين يجوز أن يعرضوا عن النقل إما لشبهة أو اعتماد فينقطع النقل أو يبقى فيمن ليس نقله حجة ولا دليلا فيحتاج حينئذ المكلفون إلى دليل هو قول الإمام وبيانه وإنما يثق المكلفون بما نقل إليهم وأنه جميع الشرع لعلمهم بأن وراء هذا النقل إماما متى اختل استدرك
مخ ۱۸۳