145

طريقا إلى الفرار وسبيلا إلى وقوف أمر المناجزة ولعل منهم من دخلت عليه الشبهة لبعده عن الحق وغلظ فهمه وظن أن الذي دعا إليه أهل الشام من التحكيم وكف الحرب على سبيل البحث عن الحق والاستسلام للحجة لا على وجه المكيدة والخديعة فطالبوه (ع) بكف الحرب والرضا بما بذله القوم فامتنع (ع) من ذلك امتناع عالم بالمكيدة ظاهر على الحيلة وصرح لهم بأن ذلك مكر وخداع فأبوا ولجوا فأشفق (ع) في الامتناع عليهم والخلاف لهم وهم جمة عسكره وجمهور أصحابه من فتنة صماء هي أقرب إليه من حرب عدوه ولم يأمن أن يتعدى ما بينه وبينهم إلى أن يسلموه إلى عدوه أو يسفكوا دمه فأجاب إلى التحكيم على مضض ورد من كان قد أخذ بخناق معاوية وقارب تناوله وأشرف على التمكن منه حتى أنهم قالوا للأشتر (رحمه الله تعالى) وقد امتنع من أن يكف عن القتال وقد أحس بالظفر وأيقن بالنصر أتحب أنك ظفرت هاهنا وأمير المؤمنين (ع) بمكانه قد سلم إلى عدوه وتفرق أصحابه عنه و# قال لهم أمير المؤمنين (ع) عند رفعهم المصاحف: اتقوا الله وامضوا على حقكم فإن القوم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن وأنا أعرف بهم منكم قد صحبتهم أطفالا ورجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال إنهم والله ما رفعوا المصاحف ليعملوا بها وإنما رفعوها خديعة ودهاء ومكيدة

فأجاب (ع) إلى التحكيم دفعا للشر القوي بالشر الضعيف وتلافيا للضرر الأعظم بتحمل الضرر الأيسر وأراد أن يحكم من جهته عبد الله بن العباس رحمة الله عليه فأبوا عليه ولجوا كما لجوا في أصل التحكيم وقالوا لا بد من يماني مع مضري فقال (ع) فضموا الأشتر وهو يماني إلى عمرو فقال الأشعث بن قيس الأشتر هو الذي طرحنا فيما نحن فيه واختاروا أبا موسى مقترحين له عليه (ع) ملزمين له تحكيمه فحكمهما بشرط أن يحكما بكتاب الله تعالى ولا يتجاوزاه وأنهما

مخ ۱۴۶