أنساه الله تعالى بعد ذلك إرشاده إياه ووصيته له ووسوسة الشيطان إليه فأكل منها غافلا عن الوصية والوسوسة
وإذا كان ذلك لم يبل هل كان عند ذلك نبيا أو لم يكن نبيا فإن الناسي لا طلب عليه في الشرع ولا ذم بالإجماع والدليل على أنه نسي قوله تعالى {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما} يعني عهدنا إليه في أمر الشجرة فنسي العهد فأكل منها من غير عزم على أكلها ولا متعمدا لاطراح الوصية والنهي أو نسي المراقبة لتلك الوصية ولم نجد له عزما على المراقبة فألقي عليه النسيان بتركه المراقبة فأكل منها ولا يصح في حقه عليه السلام مع شهادة القرائن وعظم المكانة غير هذين الوجهين مع أن العزم في اللسان هو الإرادة التي يقع معها الفعل وقد نهاه تعالى عنه فلم يبق إلا أنه أكل ناسيا من غير عزم
فإن قيل وما دليلكم على أن العهد المنسي إنما كان في أمر الشجرة والعهود كثيرة كعهده له في حمل الأمانة وغيرها
فنقول دليلنا على ذلك أنه لو قصد ارتكاب نهي الله تعالى وترك نصيحته له مراعاة لمكيدة الشيطان ومكره به وقبوله منه فأكل منها متعمدا لصحة قول اللعين تاركا لوصية الله ونهيه متعمدا لتركهما لكان متهما لخبره تعالى مفندا لحكمه مرتكبا لنهيه وهذه كانت فعلة الشيطان عند امتناعه من السجود حذوك النعل بالنعل وبها حكم بكفره
فمن اعتقد هذا في حقه عليه السلام فقد رماه برجام الكفر والإبتراك في أوضار الجهل ودحض المزلات فأما ما كان يبترك
مخ ۷۲