وأصل الوعد والوعيد من أخبار الله تعالى ، ولكن لما كان ما أخبر عنه منه ما تقوم به الحجة بمعرفته بعد السماع به من العقل ويجب الإيمان به، سمي كل من الوعد والوعيد باسم وحرف يخصه ، وبقي حرف الأخبار مما بقي مما تقوم الحجة بمعرفته من العقل بعد السماع ، وما لا تقوم الحجة بمعرفته إلا بالسماع به ، وإلا ففي الحقيقة فالثلاثة الأحرف هي حرفان توحيد وأخبار ،وأصل حرف الأخبار جامع[ لجميع] (¬1) الحروف المذكورة .
وبالجملة فما أخبر الله تعالى أنه كان[16/ب] أو إنه سيكونه (¬2) بعد ، أو لا يكونه البتة[9/أ] وجب الإيمان بتصديقه فيما أخبر ، وانتقل من قسم الممكن إلى قسم الواجب ، ولكن لا على معنى أنه واجب عليه أن يفعله ، فإن الله لا يجب عليه ولا أنه و(3) عليه الوفاء في فعل ما قاله ليكون صادقا، بل لو أخلفه لم يكن كاذبا ، إذ لا تلحقه صفات الخلف والكذب مما خلقه الله ولا يضادد [14/ج] صدقه الكذب ، ولا علمه الجهل ، ولا قدرته العجز ، وعلى هذا في صفاته ؛ لأن كل ذلك هو من خلقه تعالى ، ولكن ألزمنا نحن أن نصدقه بصفاته الواجبة له ، ومن صفاته الصدق وإن وصفناه نحن أنه غير صادق فقد وصفناه بصفات خلقه أنه كاذب تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وقال تعالى : " ومن أصدق من الله حديثا " (¬3) ، وقال تعالى وهو أصدق القائلين :" وتمت كلمت ربك صدقاوعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم " (¬4) .
ومن شك في أن الله تعالى هو صادق أم لا ؟ ، فقد كفر وهلك بالشك ، ولا ينفعه اعتقاد السؤال معه إن مات على ذلك ، ومن قال أن الله[ تعالى هو] (¬5) غير صادق فهو مشرك[ (¬6) ف]إن كان من قبل مسلما استتيب فإن تاب وإلا قتل بحضرة[17/أ] شهود عدول ، أو يقتله السلطان إن لم يرجع ، أو الإمام أو الحاكم .
¬__________
(¬1) سقط في ب.
(¬2) في ب سيكون.
(¬3) سورة النساء : 87 .
(¬4) سورة الأنعام : 115 .
(¬5) سقط في أ.
(¬6) سقط في أ.
مخ ۴۵