وكل الحق كذلك ، وكل من وجه نظر عقله إلى النظر إليه من جهة النظر إلى رؤيته أشرق نوره في عقله فأضاء في آفاقه وتجلى نور الحق فيه ، وأما من التمسه من غير جهة النظر إليه ، كالنجم ينظره من المغرب من السماء حين وصف له أنه في السماء وهو في جهة المشرق وبينه وبين المشرق حائل عنه ، وهو تعصبه لمذهبه واعتقاده أنه لاحق إلا هو ، فلم يخرج من ذلك الحائل إلى موضع يصح له التوجه إليه لينظره ، والنظر إليه على وجوه بعضها أسهل من بعض ، وبعضها أصعب من بعض ، ومن الوجوه السهلة هو ما ذكرناه في الجزأين الأولين .
ولو لم يمكن معرفة الحق بذلك لكل عالم طلب معرفته منها في كل أمر من أمور الدين فيما لا تقوم الحجة بمعرفته وصحته إلا بالسماع مما شرع به [8/أ]الشارع واختلف أهل مذاهب الضلال مما لا يجوز فيه اختلاف لما أطلت القول فيهما [12/ج] وذلك أنه وقع الاتفاق مع جميع مذاهب أهل الإسلام ، أن التنزيل نزل على سبعة أحرف[ أي] (¬1) سبعة أقسام ، الأول توحيد ، والثاني وعد ، والثالث وعيد ،والرابع أخبار ، والخامس أمثال ، والسادس أمر ، والسابع نهي .
[ الأحرف السبعة و وجوه التوحيد]
بيان : بعضهم قال الأول توحيد ، والثاني وعد ، والثالث وعيد ، والرابع[14/ب] أمر ونهي ، والخامس ناسخ ومنسوخ ، والسادس أخبار ، والسابع عبر وأمثال . فأما الأمثال فهي في معزل عن هذا البحث ، وبقيت ستة أحرف وهي التوحيد والوعد والوعيد والأخبار .
ففي التنزيل بيان علم ذلك كله فلا يحتاج فيه إلى معرفته بالسنة ؛ لأن التوحيد مع جميع أهل المذاهب هو على ثلاثة وجوه كما قدمنا بيانها .
¬__________
(¬1) سقطت في ب.
مخ ۴۳