خلافا لما صرح به التنزيل من إخباره تعالى ، مع ما أتوه من الروايات عنه - صلى الله عليه وسلم- مما توافق تصديق صدق أخبار الله تعالى أنه الحق اليقين ، فنبذ (¬1) هؤلاء المتأخرون اعتقاد روايات علمائهم[2/ب] وأئمتهم الموافقة للتنزيل وراء ظهورهم ، وعملوا بكل رواية يكون تأويلها أن ما أخبر الله تعالى في وعيده أنه واقع ، هو غير صحيح أنه واقع ، فتستروا بالتأويل ؛ ليخرجوا من كفر الشرك إلى كفر النعمة .
وعلى قياد اعتقادهم ذلك لا يصح معهم من الرواية " كلها هالكة إلا فرقة ناجية " ، وتكون [2/ج] هذه الكلمات زيادة في الرواية ، فيكون افتراقهم في الأصول والفروع كله رحمة لأهل القبلة جميعا ، وإن تقاتلوا على ذلك ، إذا كان الافتراق والقتال عن اجتهاد ، وعند كل منهم أنه هو المحق ، وأنه هو لا غير عنده الحق ، فأجازوا قتل المحق ؛ لأنه باجتهاده [هو] (¬2) غير خارج عن الحق ، وإن كان في الحقيقة على خلاف الحق ، لأنه مجتهد فأخطأ الحق ، فهو مخطئ للحق[2/أ] ولكنه محق باجتهاده أنه على الحق ، فخالفوا صريح حكم التنزيل فيمن قتل مؤمنا متعمدا بغير حق في ذلك .
¬__________
(¬1) في ب فنبذوا .
(¬2) سقط في ج .
مخ ۳۰