اختلف منهج التأليف عند الشيخ - رحمه الله تعالى - في هذا السفر عن بقية الأسفار، حيث كان يعتمد على كتاب من كتب القوم ، ثم يعلق عليه تعليقات تبين الصواب من الباطل ، و لكن في هذا السفر لم ينقل عن أي كتاب ، بل ألفه من أوله إلى آخره ، من بنات أفكاره ، و نظن أن الشيخ - رحمه الله - لما أراد أن يتكلم في موضوع هذا الكتاب ، بحث عن كتاب يشابهه و لم يجده ، حيث إن الكلام عن التفريق بين الأصول و الفروع ، و الربط بين العقيدة المتمثلة في البراءة و الولاية و بين مواضيع الإجماع ،موضوع يندر الكلام حوله ، و أكثر من أطنب فيه شيخ المذهب أبو سعيد الكدمي - رحمه الله تعالى - في كتابيه الاستقامة و المعتبر ، و لذلك تجد أن الشيخ يجله إجلالا كبيرا ، و يمدحه و يضفي عليه الألقاب الرفيعة مثال ذلك ، بعد تكلم عن أبيه الشيخ جاعد بن خميس الخروصي :
" أننا لا نعلم عالما في الشريعة مثله في علماء الإباضية إلا الشيخ الكبير البحر الأعظم ، والنور الأكبر ، إمام كل عالم في الشريعة في أمة النبي - صلى الله عليه سلم - على ما اشتهر أبو سعيد -رحمه الله تعالى- ، فهو الفاتح لأبواب إغلاقها ، والشارح لما خفي حقه منها " (¬1) .
هذا من حيث المنهج المتبع في تأليفه هذه الموسوعة القيمة ، أما من حيث التركيز على موضوع واحد ، نجد أن الشيخ - رحمه الله - تكلم عن مواضيع كثيرة جدا ، في أصول الفقه ، و في العقيدة ، وفي الفقه ، و لكن كلها تدور في فلك أصول الدين .
و كان يفصل بين موضوع وآخر بكلمة " بيان " ، وهي تكثر في تآليفه ، و نحن عندما أردنا تحقيق الكتاب وجدنا صعوبة في وضع عناوين لهذه البيانات الكثيرة ، مع تشابهها ، وتكرارها أحيانا ، فمثلا موضوع مسألة الخمر كررها في أكثر من موضع (¬2) ، و غيرها من المسائل .
¬__________
(¬1) المرجع السابق ، ص44أ.
مخ ۲۱