بأن مباشرة الفعل الصالح لحصول المطلوب تَقتضي إضافة ذلك الفعل إلى ذلك المطلوب لما استجازوا تلك الإضافة. وإذا كان هذا من عُرفِ الناس يَرونَه حسنًا وَجَبَ اتباعُهم لقوله تعالى (^١).
الرابع: أنّا إذا رجعنا إلى أنفسنا في مثل هذه الأشياء وجدنا ظنًّا غالبًا على قلوبنا بإضافة الحكم إلى ذلك السبب، كما نجد العلومَ الضرورية عند وجود أسبابها، والعمل بالظنّ الغالب ــ إذا لم يعارضه ما هو مثلُه أو أقوى منه ــ واجبٌ، لأنّا إن اتبعنا الراجح والمرجوح كان جمعًا بين الضدّين، وإن تركناهما جميعًا خَلَتِ الحادثةُ عن حكمٍ، وفي ذلك ضررٌ في الدين والدنيا، وإن عَمِلْنا (^٢) بالمرجوح لم يَجُز بالضرورة، فتعيَّن اتباعُ الراجح، وليس بعده إلا التوقُّف.
ولهذا قال الإمام أحمد (^٣): ليس القياس على كلّ أحدٍ، وإنما هو على الأمير والحاكم، يَنزِل به الأمرُ، فيجمعُ له الناسَ ويقيس ويشبّه. كما كتب عمر إلى شريح (^٤): «اعْرِفِ الأشباهَ والأمثالَ، وقِسِ الأمورَ برأيِك»، فخيَّر من لا يجب عليه الحكم بين القياس لوجود الرجحان وبين التوقف، لجواز