143

تنبيه الغافلين

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

پوهندوی

يوسف علي بديوي

خپرندوی

دار ابن كثير

د ایډیشن شمېره

الثالثة

د چاپ کال

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

د خپرونکي ځای

دمشق - بيروت

دَخَلَ دَارَ الدَّبَّاغِينَ، لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَرَارِ فِيهَا مِنْ شِدَّةِ الرَّائِحَةِ، وَأَهْلُ تِلْكَ الدَّارِ يَأْكُلُونَ فِيهَا الطَّعَامَ وَيَشْرَبُونَ الشَّرَابَ، وَلَا تَتَبَيَّنُ لَهُمُ الرَّائِحَةُ لِأَنَّهُ قَدِ امْتَلأَتْ أُنُوفُهُمْ مِنْهَا، كذَلِكَ أَمْرُ الْغِيبَةِ فِي يَوْمِنَا هَذَا ٢٠٩ - وَرَوَى أَسْبَاطٌ، عِنْدِ السُّدِّيِّ، قَالَ. كَانَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ فِي سَفَرٍ مَعَ أُنَاسٍ وَفِيهِمْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَنَزَلُوا مَنْزِلًا فَضَرَبُوا خِيَامَهُمْ وَصَنَعُوا طَعَامَهُمْ، وَنَامَ سَلْمَانُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: مَا يُرِيدُ هَذَا الْعَبْدُ إِلَّا أَنْ يَجِيءَ إِلَى خِيَامٍ مَضْرُوبَةٍ وَطَعَامٍ مَصْنُوعٍ، ثُمَّ قَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ لِسَلْمَانَ انْطَلِقْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَالْتَمِسْ لَنَا إِدَامًا، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَأْخَبَرُه فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ قَدِ ائْتَدَمُوا»، فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ فَقَالُوا مَا طَعِمْنَا بَعْدُ، وَمَا كَذِبَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَيْكُمْ فَأَتَوْهُ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ: «قَدِ ائْتَدَمْتُمْ مِنْ صَاحِبِكُمْ، حِينَ قُلْتُمْ وَهُوَ نَائِمٌ»، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِمْ: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات: ١٢]، يَعْنِي مَعْصِيَةً. قَالَ سُفْيَانُ: الظَّنُّ ظَنَّانُ: ظَنٌّ فِيهِ إِثْمٌ وَظَنٌّ لَيْسَ فِيهِ إِثٌّم. فَأَمَّا الظَّنُّ الَّذِي فِيهِ إِثْمٌ فَالَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ. وَأَمَّا الظَّنُّ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِثْمٌ، فَمَا يُضْمِرُهُ وَلَا يَتَكَلَّمُ بِهِ ﴿وَلا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات: ١٢] وَيَقُولُ وَلَا تَطْلُبُوا عَيْبَ أَخِيكُمْ ﴿وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ [الحجرات: ١٢]، يَعْنِي كَمَا تَكْرَهُوَن أَكْلَ لَحْمَ أَخِيكُمْ مَيْتًا، فَكَذَلِكَ اجْتَنِبُوا ذِكْرَهُ بِالسُّوءِ غَائِبًا. ٢١٠ - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات: ١٢] قَالَ: نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ضَمَّ مَعَ كُلِّ رَجُلَيْنِ غَنِيَّيْنِ فِي السَّفَرِ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَلِيلَ الشَّيْءِ لِيُصِيبَ مَعَهُمَا مِنْ طَعَامِهِمَا، وَيَتَقَدَّمَهُمَا فِي الْمَنَازِلِ وَيُهَيِّئَ لَهُمَا الْمَنْزِلَ وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا. وَقَدْ كَانَ ضَمَّ سَلْمَانَ إِلَى رَجُلَيْنِ، فَنَزَلَا مِنَ الْمَنَازِلِ ذَاتَ يَوْمٍ وَلَمْ يُهَيِّئْ لَهُمَا شيئًا، فَقَالَا لَهُ اذْهَبْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَسَلْ لَنَا فَضْلَ إِدَامٍ. فَانْطَلَقَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِينَ غَابَ عَنْهُمَا، أَنَّهُ لَوِ انْتَهَى إِلَى بِئْرِ كَذَا لَقَلَّ الْمَاءُ. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَلَّغَهُ الرِّسَالَةَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «قُلْ لَهُمَا قَدْ أَكَلْتُمَا الْإِدَامَ»

1 / 163