ومن يكتب الكتاب لم يذكر اسمه كبنت لها أم وليس لها أب وأما لأي شيء عبر بالماضي في موضع المستقبل ، فقال : قال ، فقيل : قال هذا بعد فراغه من التأليف ، فالمقول على هذا حقيقة لأنه ماض لفظا ، وقيل إنما قال : قال بلفظ الماضي ، لأنه قال في نفسه ، فالمقول على هذا - أيضا - حقيقة لأنه ماض لفظا ومعنى ، لكن القول في الأول لفظي ، والقول هاهنا نفسي لا لفظي ، لأن القول يطلق على النفسي كما يطلق على اللفظي ، ومنه قوله تعالى : { ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول }(¬1). واختلف في إطلاق القول على النفساني ، فقيل : حقيقة ، وقيل : مجاز . وقيل : إنما عبر بالماضي عن المستقبل ، لقرب الوقوع لصحة عزمه عليه ، لأن قريب الوقوع كالواقع ومنه قوله تعالى : { أتى أمر الله }(¬2)وهو يوم القيامة ، لأنه قريب الوقوع في المعنى ، إلا أن هذا محقق الوقوع ، والأول مظنون الوقوع . وقيل : إنما عبر بالماضي عن المستقبل تنبيها على قوة رجائه ، كما تقول : إذا تقوى رجاؤك بحصول شيء قد حصل ذلك إن شاء الله .
وقيل : إنما عبر بالماضي عن المستقبل ، لأجل التفاؤل بحصول مقصوده .
وقيل : عبر بالماضي عن المستقبل ، لجواز ذلك في اللغة لا لقصد معنى من المعاني ، لأن التعبير بالماضي عن المستقبل ، والتعبير بالمستقبل عن الماضي جائزان . مثال التعبير بالماضي عن المستقبل ، [ قوله تعالى : { أتى أمر الله } ، ومثال التعبير بالمستقبل عن الماضي ](¬3)، قوله تعالى : { فلم تقتلون أنبئآء الله من قبل إن كنتم مؤمنين }(¬4)، أي فلم قتلتموهم ؟
وأما مولده ووفاته ، فلم أقف على تحقيق ذلك ولا رأيته عند من يوثق به(¬5).
مخ ۶۱