فصل (حكم سؤر الكلب)
وقد انفرد سؤر الكلب بحكم أوجبه أمره - صلى الله عليه وسلم - بغسل الإناء من ولوغه (1) سبعا (2)، وقد اختلف المذهب هل الأمر بغسله على سبيل التوقي منه (3) وترك مخالطته- على (4) ما تقدم- أو لنجاسة فيه؟ قولان؛ المشهور: أن ذلك للتوقي لا للنجاسة، والشاذ: أنه للنجاسة، وهو قول سحنون. فإن قلنا إن ذلك (5) للتوقي فهل يعد واجبا أو ندبا؟ قولان . والذي في المدونة أنه ندب، لقوله: "إن كان يغسل سبعا ففي الماء وحده وكان يضعفه" (6). وقال بعض الأشياخ: ويحتمل قوله "وكان يضعفه" ثلاثة أوجه: أحدهما: ضعف الحديث لمعارضته ظاهر القرآن في إباحة أكل ما صاد ولم يشترط غسله، والثاني: ضعف وجوب الغسل لأنه بمنزلة غيره من الحيوان، والثالث: ضعف الغسل الوارد في الحديث لأنه مقدر، والتقدير خلاف الأصول. وسبب الخلاف أمره - صلى الله عليه وسلم - بالغسل من ولوغه. فاختلف الأصوليون هل تحمل [أوامره - صلى الله عليه وسلم -] (7) على الوجوب أو على الندب، وإذا أوجبنا أو قلنا بالندب فهل يختص ذلك بالمنهي عن اتخاذه، أو يكون عاما في سائر الكلاب؟ قولان. وسببهما: هل العلة ورود النهي في المخالطة، أو لأن سؤر الكلب مما يستقذر غالبا؟ وهو أيضا مما لا يتوق النجاسة غالبا، فيسري (8) ذلك في كل كلب.
مخ ۲۴۰