.
مخ ۲۷
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي الحمد لله المتفرد بآلائه، المتفضل بنعمائه العدل في قضائه، الذي محص بالاختيار عن أوليائه، وأملى 1 بالاستدراج لأعدائه، وجعل امتحانه لمن عرفه أدبا، ولمن أنكره غضبا.
وصلى الله على ساداتنا وأئمتنا: محمد نبيه وصفيه وآله المصطفين الأخيار، المعصومين الأبرار، وسلم عليهم تسليما.
ولما رأيت ما شملني والعصابة المهدية 2 من الاختبار واللاواء والتمحيص و الابتلاء في باب معيشتها، وتصرف أحوال الدنيا بها، والامتحان 3، رافعا من الله الكريم بها، وحسن نظر منه 4 لها.
وكرهت أن يخرج ذلك دين من لم يعرف موقع الفضل والعدل فيه، والمنة عليه به، ويقدح في اعتقاد من لم يتصل به ما اتصل بي.
وعلمت بغمز 5 ما قاله النبي والوصي والأئمة - صلوات الله عليهم أجمعين - في هذا المعنى، وما ذكروه من أحوال شيعتهم [و] مسارعة البلاء إليهم تمحيصا عنهم، وكفارات 6 لذنوبهم، وما بشروهم به من حميد العواقب فيه، ونبهوا
مخ ۲۸
عليه من تفضل 1 الله عليهم بذلك منا منه ورحمة، علمت هذا الكتاب وترجمته:
* (كتاب التمحيص) * واشتققت ترجمته من معناه، وذكرت فيه وجوه الاختيار 2 من الله جل ثناؤه لعباده المؤمنين، وتمحيصه عن أوليائه الموحدين.
وأضفت إليه ما جانسه، وضممت إليه ما شاكله من الصبر، والرضا، و الزهد فيما يفنى 3 لتكمل الفائدة، ويعم النفع فيكون ذلك درسا لعالمينا، وفائدة لمتعلمينا، ومقويا يقين من ضعف يقينه منا، ومسليا عن حطام الدنيا، ومبشرا بسرور الأخرى، وكاشفا عمن اتصل غمه، وملكه همه ليرجع إلى ربه، ويثق بوعد إمامه 4، فيكمل الله أجره، ويجزل ذخره.
فمن نظر فيه من إخواننا - كثرهم الله وحرسهم - ورأي فيه خللا أصلحه، أو نقصا تممه متوخيا 5 بذلك جزيل الثواب في وقت الاياب إنشاء الله، وبه الثقة، وعليه توكلت، وهو حسبي ونعم الوكيل.
مخ ۲۹
(1) باب سرعة البلاء إلى المؤمن (المؤمنين / خ) 1 - حدثني أبو علي محمد بن همام *، قال: حدثني عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد وعبد الله ابنا محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، وكرام، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
كان علي عليه السلام يقول: إن البلاء أسرع إلى شيعتنا من السيل إلى قرار الوادي 1.
2 - عن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الجوع، والخوف أسرع إلى شيعتنا من ركض البراذين 2.
3 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لو أن مؤمنا على لوح لقيض الله له منافقا يؤذيه 3.
4 - عن إسحاق بن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما كان، و لا يكون، وليس بكائن مؤمن إلا وله جار يؤذيه، ولو أن مؤمنا في جزيرة من جزائر
مخ ۳۰
البحر 1 لابتعث الله من يؤذيه 2.
5 - عن أبي عبيدة الحذاء قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا زياد إن الله يتعهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعهد الغائب أهله بالهدية، ويحميه الدنيا كما يحمي الطبيب المريض 3.
6 - عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نعم الجرعة الغيظ لمن صبر عليها، وإن عظيم الاجر مع عظيم البلاء، وما أحب الله قوما إلا ابتلاهم 4.
7 - عن يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
ملعون كل بدن لا يصاب في كل أربعين يوما، قلت: ملعون؟! قال: ملعون، قلت:
ملعون؟! قال: ملعون، فلما رآني قد عظم ذلك علي قال:
يا يونس إن من البلية الخدشة، واللطمة، والعثرة، والنكبة، والهفوة، و انقطاع الشسع، واختلاج العين، وأشباه ذلك، إن المؤمن أكرم على الله من أن يمر عليه أربعون يوما لا يمحصه فيها [من] ذنوبه، ولو بغم يصيبه لا يدري ما وجهه.
والله إن أحدكم ليضع الدراهم بين يديه فيزنها فيجدها ناقصة، فيغتم بذلك ثم يعيد وزنها، فيجدها سواء فيكون ذلك حطا لبعض ذنوبه 5.
8 - عن علي بن أبي حمزة، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: المؤمن مثل كفتي الميزان، كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه 6.
مخ ۳۱
9 - عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله جعل المؤمنين في دار الدنيا غرضا لعدوهم. 1 10 - عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام : يا أبا حمزة ما كان ولن يكون مؤمن إلا وله بلايا أربع:
إما أن يكون جار يؤذيه، أو منافق يقفو أثره، أو مخالف يرى قتاله جهارا، أو من (مؤمن / خ) يحسده، ثم قال: أما إنه أشد الأربعة عليه، لأنه يقول فيصدق عليه، ويقال: هذا رجل من إخوانه فما بقاء (مانعا / خ) المؤمن بعد هذا (هذه / خ) 2.
11 - عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا يبقى المؤمن أربعين صباحا لا يتعهده الرب بوجع في جسده، أو ذهاب مال، أو مصيبة يأجره الله عليها 3.
12 - عن ذريح قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: ما أحب للمؤمن معافا في الدنيا، وفي نفسه وماله (ولا يصاب بشئ) 4 من المصائب 5.
13 - عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: لو يعلم المؤمن ماله في المصائب من الاجر لتمني أن يقرض بالمقاريض 6.
14 - عن عبد الله بن المبارك قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول: إذا أضيف البلاء إلى البلاء كان من البلاء عافيه 7.
مخ ۳۲
15 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أصابكم تمحيص فاصبروا، فإن الله يبتلي المؤمنين 1، ولم يزل إخوانكم قليلا: ألا 2 وإن أقل أهل المحشر المؤمنون 3.
16 - عن معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما من مؤمن إلا وهو يذكر البلاء 4 يصيبه في كل أربعين يوما أو بشئ من ماله وولده، ليأجره الله عليه، أو بهم لا يدري من أين هو؟ 5 17 عن أبي الحسن الأحمسي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله ليتعهد عبده المؤمن بأنواع البلاء كما يتعهد أهل البيت سيدهم بطرف الطعام.
ثم قال: (ويقول الله جل جلاله): وعزتي وجلالي وعظمتي وبهائي إني لاحمي وليي أن 6 اعطيه في دار الدنيا شيئا يشغله عن ذكري حتى يدعوني فأسمع صوته.
وإني لأعطي الكافر منيته حتى لا يدعوني فأسمع صوته بغضا له 7.
18 - عن أبي سيار 8 رواه عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا ابتلي المؤمن كان كفارة (له) لما مضى من ذنوبه، ويستغيث 9 فيما بقي 10.
19 - عن ابن مسكان عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: من عرض بنفسه أعان عليها ومن ابتلى - وهو مار 11 مقر لم يحدث ولم يجرم جرما - كان تمحيصا له في الدنيا، وأثابه الله تعالى في الآخرة أحسن ثواب 12.
20 - عن الحسن بن محبوب، عن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(إن عظيم البلاء يكافأ به عظيم الجزاء)، 13 وإذا أحب الله عبدا ابتلاه بعظيم البلاء،
مخ ۳۳
فمن رضي فله عند الله الرضا، ومن سخط له السخط 1.
21 - (قال / خ) عن يونس، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أكل ما يشتهي، ولبس ما يشتهي لم ينظر الله إليه حتى ينزع أو يترك 2.
22 - عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: مثل المؤمن (مثل السنبلة تخر مرة وتستقيم أخرى) 3 ومثل الكافر مثل الارزة لا يزال مستقيما 4.
23 - قيل عن أبي سعيد الخدري: أنه وضع يده على رسول الله صلى الله عليه وآله وعليه حمى فوجدها من فوق اللحاف، فقال: ما أشدها عليك يا رسول الله؟!
قال: إنا كذلك يشتد علينا البلاء ويضعف لنا الاجر.
قال: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، قال: ثم من؟ قال:
ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة 5، إن كان أحدهم ليبتلى بالقمل حتى يقتله، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء 6.
24 - عن عمار بن مروان عن بعض ولد أبي عبد الله عليه السلام [أنه قال:
لن تكونوا مؤمنين حتى تعدوا البلاء نعمة، والرخاء مصيبة 7.
25 - عن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام] 8 قال: إن الله إذا أحب عبدا [غته بالبلاء غتا، وثجه به عليه ثجا] 9، فإذا دعاه قال: لبيك عبدي لبيك، لئن
مخ ۳۴
عجلت ما سألت إني على ذلك لقادر، ولئن أخرت فما ادخرت 1 لك عندي خير لك 2.
26 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن لله عبادا في الأرض من خالص عباده ليس ينزل من السماء تحفة للدنيا إلا صرفها عنهم إلى غيرهم، ولا ينزل من السماء بلاء للآخرة إلا صرفه إليهم، وهم شيعة علي وأهل بيته 3.
27 - عن محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن لله في خلقه عبادا ما من بلية تنزل من السماء ولا تقتير من رزق إلا صرفه إليهم ولا عافية ولا سعة في رزق إلا صرفه عنهم، (و) لو أن نور أحدهم قسم بين أهل الأرض جميعا لاكتفوا به 4.
28 - وعن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما أفلت المؤمن من واحدة من ثلاث، وربما اجتمعت الثلاث عليه: إما أن يكون معه في الدار من يغلق عليه الباب يؤذيه، أو جار يؤذيه، أو شئ في طريقه 5 وحوائجه يؤذيه، ولو أن مؤمنا على قلة جبل ليبعث الله عليه شيطانا 6 ويجعل له من إيمانه انسا لا يستوحش إلى أحد 7.
29 - وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ساعات المؤمن ساعات كفارات 8.
30 - عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أشد الناس
مخ ۳۵
بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم 1.
مخ ۳۶
(2) باب تعجيل التمحيص عن المؤمن (المؤمنين / خ) 31 - عن معاوية بن عمار قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وقد كانت الريح حملت العمامة عن رأسي في البدو، فقال: يا معاوية، فقلت: لبيك جعلت فداك يا بن رسول الله، قال: حملت الريح العمامة عن رأسك؟ قلت: نعم، قال: هذا جزاء من أطعم الاعراب 1.
32 - عن عبد الله بن سنان قال: سمعت معتبا يحدث أن إسماعيل بن أبي عبد الله عليه السلام حم حمى شديدة فأعلموا أبا عبد الله بحماه فقال لي: إئته فاسأله:
أي شئ عملت اليوم من سوء فجعل الله عليك العقوبة؟ قال: فأتيته فإذا هو موعوك فسألته عما عمل، فسكت.
وقيل لي: إنه ضرب بنت زلفى اليوم بيده فوقعت على دراعة الباب فعقر وجهها، فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فأخبرته بما قالوا، فقال:
الحمد لله، إنا أهل البيت يعجل الله لأولادنا العقوبة في الدنيا، ثم دعا بالجارية، فقال: إجعلي إسماعيل في حل مما ضربك، فقالت: هو في حل.
فوهب لها أبو عبد الله عليه السلام شيئا، ثم قال لي: اذهب فانظر ما حاله؟
قال: فأتيته وقد تركته الحمى 2.
33 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: توقوا الذنوب فما من بلية ولا نقص رزق إلا بذنب حتى الخدش و النكبة 3 والمصيبة فإن الله تعالى يقول: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت
مخ ۳۷
أيديكم ويعفو عن كثير " 1.
34 - عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ما من شيعتنا أحد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتى يبتلى ببلية تمحص بها ذنوبه، إما في مال أو ولد واما في نفسه حتى يلقى الله مخبتا وماله من ذنب، وانه ليبقى عليه شئ من ذنوبه فيشدد عليه عند موته فيمحص ذنوبه. 2 35 - عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله إذا كان من أمره أن يكرم عبدا وله ذنب ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ذلك ابتلاه بالحاجة، فإن لم يفعل ذلك شدد عليه الموت ليكافئه بذلك الذنب، وإذا كان من أمره أن يهين عبدا وله عنده حسنة صحح بدنه، فإن لم يفعل ذلك به وسع له في معاشه، فإن [هو] 3 لم يفعل هون عليه الموت ليكافئه بتلك الحسنة 4.
36 - (قيل / خ) عن منصور بن معاوية، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله تعالى:
ما من عبد [لله] 5 أريد أن ادخله الجنة إلا ابتليته في جسده، فإن كان ذلك كفارة لذنوبه وإلا سلطت عليه سلطانا، فإن كان ذلك كفارة لذنوبه وإلا ضيقت عليه في رزقه، فإن كان ذلك كفارة لذنوبه وإلا شددت عليه عند الموت حتى يأتيني ولا ذنب له ثم ادخله الجنة، وما من عبد أريد أن ادخله النار إلا صححت له جسمه، فإن كان ذلك تمام طلبته 6 عندي وإلا آمنت خوفه من سلطانه، فإذا كان ذلك تمام طلبته وإلا وسعت عليه رزقه، فإن كان ذلك تمام طلبته عندي وإلا يسرت عليه عند الموت حتى يأتيني ولا حسنة له ثم ادخله النار 7.
مخ ۳۸
37 - عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال الله تعالى: إن العبد المؤمن من عبادي ليذنب الذنب العظيم مما يستوجب به عقوبتي في الدنيا والآخرة فأنظر له فيما فيه صلاحه في آخرته فاعجل له العقوبة في الدنيا لأجازيه بذلك الذنب 1.
38 - عن عمر صاحب السابري قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني لأرى من أصحابنا من يرتكب الذنوب الموبقة فقال لي: يا عمر لا تشنع على أولياء الله، إن ولينا ليرتكب ذنوبا يستحق (بها / خ) من الله العذاب فيبتليه الله في بدنه بالسقم حتى يمحص عنه الذنوب، فإن عافاه في بدنه ابتلاه في ماله، فإن عافاه في ماله ابتلاه في ولده، فإن عافاه في ولده ابتلاه في أهله، فإن عافاه في أهله ابتلاه بجار سوء يؤذيه، فإن عافاه من بوائق الدهور 2 شدد عليه خروج نفسه حتى يلقى الله حين يلقاه، وهو عنه راض، قد أوجب له الجنة 3.
39 - عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: ذكر (عند / خ) أبي عبد الله عليه السلام البلاء وما يختص [الله] به المؤمنين فقال أبو عبد الله عليه السلام: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله: من أشد الناس بلاء في الدنيا؟ فقال: النبيون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المؤمن على قدر إيمانه وحسن عمله، فمن صح إيمانه وحسن عمله اشتد بلاؤه، ومن سخف إيمانه وضعف عمله قل بلاؤه 4.
40 - عن فرات بن أحنف قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من هؤلاء الملاعين فقال: والله لاسوءنه من شيعته، فقال: يا أبا عبد الله أقبل إلي، فلم يقبل إليه، فأعاد فلم يقبل إليه، ثم أعاد الثالثة، فقال: ها أنا ذا مقبل، فقل ولن تقول خيرا، فقال:
مخ ۳۹
إن شيعتك يشربون النبيذ، فقال: وما بأس بالنبيذ أخبرني أبي عن جابر بن عبد الله أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا يشربون النبيذ، فقال: ليس أعنيك النبيذ، إنما أعنيك المسكر فقال: شيعتنا أزكى وأطهر من أن يجري للشيطان في أمعائهم رسيس 1، وإن فعل ذلك المخذول منهم فيجد ربا رؤوفا، ونبيا بالاستغفار له عطوفا، ووليا له عند الحوض ولوفا، وتكون وأصحابك ببرهوت 2 ملهوفا 3، قال: فافحم الرجل وسكت.
ثم قال: ليس أعنيك المسكر، إنما أعنيك الخمر، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
- سلبك الله لسانك - ما لك تؤذينا في شيعتنا منذ اليوم؟
أخبرني أبي عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، عن جبرئيل عن الله تعالى، أنه قال: يا محمد إني حظرت الفردوس على جميع النبيين حتى تدخلها أنت وعلي وشيعتكما إلا من اقترف منهم كبيرة، فإني أبلوه في ماله، أو بخوف من سلطانه، حتى تلقاه الملائكة بالروح و الريحان، وأنا عليه غير غضبان، فيكون ذلك حلا 4 لما كان منه، فهل عند أصحابك (هؤلاء) شئ من هذا؟ فلم 5 أو دع 6.
41 - قال: عن أبي الصباح الكناني قال: كنت أنا وزرارة عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: لا تطعم النار أحدا وصف هذا الامر، فقال زرارة: إن ممن يصف هذا الامر يعمل بالكبائر؟!
فقال: أو ما تدري ما كان أبي يقول في ذلك؟! إنه كان يقول: إذا ما أصاب
مخ ۴۰
المؤمن من تلك الموبقات 1 شيئا ابتلاه الله ببلية في جسده، أو بخوف يدخله الله عليه، حتى يخرج من الدنيا وقد خرج من ذنوبه 2.
42 - عن زكريا بن آدم قال: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام فقال: زكريا بن آدم شيعة علي رفع عنهم القلم، قلت:
جعلت فداك فما العلة في ذلك؟ قال: لأنهم أخروا في دولة الباطل يخافون على أنفسهم، وبحذرون؟؟ على إمامهم، يا زكريا بن آدم ما أحد 3 من شيعة علي أصبح صبيحة أتى بسيئة، أو ارتكب ذنبا، إلا أمسى وقد ناله غم حط عنه سيئة فكيف يجري عليه القلم؟! 4
مخ ۴۱
(3) باب التمحيص بالعلل والأمراض 43 - عن سدير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام، هل يبتلي الله المؤمن؟
فقال: وهل يبتلي إلا المؤمن؟ حتى أن صاحب (يس) الذي قال: (يا ليت قومي يعلمون) كان مكتعا 1، قلت: وما المكتع؟ قال: كان به جذام 2.
44 - عن عمر بن يزيد 3، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من مؤمن إلا وبه وجع في شئ من بدنه، لا يفارقه حتى يموت، يكون ذلك كفارة لذنوبه 4.
45 - عن العلا، عن أبي الحسن عليه السلام قال: حمى ليلة كفارة سنة 5.
46 - عن جابر بن عبد الله: إن علي بن الحسين عليه السلام كان إذا رأى المريض قد برأ قال له: يهنيك الطهور من الذنوب 6.
47 - عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا أحب الله عبدا نظر إليه، فإذا نظر إليه أتحفه من ثلاث بواحدة: إما صداع، وإما حمى، وإما رمد 7.
48 - عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: يكتب للمؤمن في سقمه
مخ ۴۲
من العمل الصالح مثل ما كان يكتب له (في حقه) في صحته، ويكتب للكافر من العمل السئ مثل ما كان يكتب له في صحته، ثم قال: يا جابر ما أشد هذا من حديث؟! 1 49 - عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
الحمى رائد الموت، وهي سجن الله في أرضه، وهي حظ 2 المؤمن من النار 3.
50 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الحمى رائد الموت، وسجن الله في الأرض، يحبس بها من يشاء من عباده وهي تحت الذنوب كما يحات الوبر عن سنام البعير 4، 51 - عن أبي سلمة قال: قال النبي صلى الله عليه وآله لاعرابي: هل أخذ تك أم ملدم قط؟ قال: وما أم ملدم؟ قال: حربين الجلد واللحم قال: لا، قال:
فأخذك الصداع قط؟ قال: وما الصداع؟ قال: عرق يضرب الانسان في رأسه، قال:
ما وجدت هذا قط، فلما ولى، قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من سره أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا 5.
52 - عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: لا يمرض مؤمن ولا مؤمنة إلا حط الله به من خطاياه 6.
مخ ۴۳
(4) باب التمحيص بالحزن والهم 53 - عن الأحمسي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تزال الغموم و الهموم بالمؤمن حتى لا تدع له ذنبا 1.
54 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يمضي على المؤمن أربعون ليلة إلا عرض له أمر يحزنه يذكره ربه 2.
55 - عن رفاعة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قرأت في كتاب علي عليه السلام: إن المؤمن يمسي حزينا، ويصبح حزينا، ولا يصلح له إلا ذلك 3.
56 - عن الحكم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن العبد إذا كثرت ذنوبه ولم يكن عنده من العمل ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن ليكفرها 4.
57 - عن الحارث بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن العبد المؤمن ليهم في الدنيا حتى يخرج منها ولا ذنب له 5.
مخ ۴۴
(5) باب التمحيص بذهاب المال ومدح الفقر وأن الله اختار الآخرة للمؤمنين 58 - عن المفضل قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كلما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته 1.
59 - عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الرب ليلي حساب المؤمن فيقول: تعرف هذا الحساب؟ فيقول: لا، يا رب فيقول: دعوتني في ليلة كذا وكذا في ساعة كذا وكذا، فذخرتها (إدخرتها / خ) لك، قال: فما ترى من عطية 2 ثواب الله؟ يقول: يا رب ليت أنك لم تكن عجلت لي شيئا، وادخرته لي 3.
60 - عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
أكرم ما يكون العبد إلى الله أن يطلب درهما فلا يقدر عليه.
قال عبد الله بن سنان، قال أبو عبد الله عليه السلام هذا الكلام وعندي مائة ألف، وأنا اليوم ما أملك درهما 4.
61 - عن عباد بن صهيب قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: قال الله تعالى: لولا أنني أستحيي من عبدي المؤمن ما تركت له خرقة يتوارى بها، لان العبد إذا تكامل الايمان ابتليته في قوته فإن جزع رددت عليه قوته وإن صبر باهيت به ملائكتي، فذاك الذي تشير إليه الملائكة بالأصابع 5.
مخ ۴۵
62 - عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: وكل الله الرزق بالحمق، ووكل الله الحرمان بالعقل، ووكل الله البلاء بالصبر 1.
63 - عن محمد 2 بن سليمان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من استذل مؤمنا لقلة ذات يده شهره الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق لا محالة 3.
64 - عن ابن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المصائب منح من الله، والفقر عند الله مثل الشهادة، ولا يعطيه من عباده إلا من أحب 4.
65 - عن علي بن عفان 5، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله ليتعذر 6 إلى عبده المؤمن المحتاج - كان في الدنيا - كما يتعذر 7 الأخ إلى أخيه فيقول:
لا وعزتي ما أفقرتك لهوان بك علي، فارفع هذا الغطاء فانظر ما عوضتك من الدنيا، فيكشف الغطاء فينظر إلى ما عوضه الله من الدنيا، فيقول: ما يضرني ما منعتني عما (مع ما / خ) عوضتني 8.
66 - عن محمد بن خالد البرقي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: والله ما اعتذر الله إلى ملك مقرب، ولا نبي مرسل إلا إلى فقراء شيعتنا، قيل له: وكيف يعتذر لهم 9؟ قال: ينادي مناد: أين فقراء المؤمنين؟ فيقوم عنق من الناس فيتجلى لهم الرب فيقول: وعزتي وجلالي وآلائي وارتفاع مكاني ما حسبت عنكم شهواتكم في دار الدنيا [هو انا بكم علي ولكن ذخرته لكم لهذا اليوم، أما ترى قوله: ما حبست عنكم شهواتكم في دار الدنيا] 10 اعتذارا؟! 11 قوموا اليوم فتصفحوا وجوه خلائقي فمن وجدتم له عليكم [منة] بشربة من ماء فكافوه عني بالجنة 12.
مخ ۴۶