225

تمهید لتاریخ فلسفه اسلامی

تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية

ژانرونه

ويقول الفارابي في الفقه: «علم الفقه: وصناعة الفقه هي التي بها يقتدر الإنسان على أن يستنبط تقدير شيء مما لم يصرح واضع الشريعة بتحديده على الأشياء التي صرح فيها بالتحديد والتقدير، وأن يتحرى تصحيح ذلك حسب غرض واضع الشريعة بالعلة التي شرعها في الأمة التي لها شرع.

وكل ملة فيها آراء وأفعال: فالآراء مثل الآراء التي تشرع في الله، وفيما يوصف به. وفي العلم أو غير ذلك، والأفعال مثل الأفعال التي يعظم بها الله، والأفعال التي بها تكون المعاملات في المدن.

فلذلك يكون علم الفقه جزءين؛ جزء في الآراء، وجزء في الأفعال.»

10

ولسنا نعرف لغير الفارابي من علماء الإسلام هذا التمييز بين الكلام والفقه، بأن الأول يتعلق بنصرة العقائد والشرائع التي صرح بها واضع الملة، على حين يتعلق الثاني باستنباط ما لم يصرح به واضع الملة؛ مما صرح به في العقائد والشرائع جميعا. نعم، للفقه في بعض إطلاقاته عموم يشتمل جميع مسائل الدين، قال صاحب «كشاف اصطلاحات الفنون»: «وقد يطلق الفقه على علم النفس بما لها وما عليها، فيشتمل جميع العلوم الدينية؛ ولهذا سمى أبو حنيفة - رحمه الله - الكلام بالفقه الأكبر.»

وجاء في «تاج العروس»: «وقد غلب - أي الفقه - على علم الدين لشرفه وسيادته وفضله على سائر أنواع العلم، كما غلب النجم على الثريا والعود على المندل. قال ابن الأثير: واشتقاقه من الشق والفتح، وقد جعلته العرب خاصا بعلم الشريعة وتخصيصا بعلم الفروع منها.»

ومع هذا فإن العلماء يكادون يتفقون على أن علم الكلام خاص بالمسائل الاعتقادية، وعلم الفقه متصل بالأحكام العملية .

وفي كتاب «التعريفات» للسيد الشريف علي بن محمد الجرجاني المتوفى سنة 816ه (1413م): «الفقه هو في اللغة عبارة عن فهم غرض المتكلم من كلامه. وفي الاصطلاح هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية، وقيل هو الإصابة والوقوف على المعنى الخفي الذي يتعلق به الحكم، وهو علم مستنبط بالرأي والاجتهاد، ويحتاج فيه إلى النظر والتأمل؛ ولهذا لا يجوز أن يسمى الله - تعالى - فقيها؛ لأنه لا يخفى عليه شيء.»

الكلام علم يبحث فيه عن ذات الله - تعالى - وصفاته، وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام، والقيد الأخير لإخراج العلم الإلهي للفلاسفة ... الكلام علم باحث عن أمور يعلم منها المعاد وما يتعلق به من الجنة والنار والصراط والميزان والثواب والعقاب، وقيل الكلام هو العلم بالقواعد الشرعية الاعتقادية المكتسبة من الأدلة.

وفلاسفة الإسلام أنفسهم لا يخالفون ذلك.

ناپیژندل شوی مخ