211

تمهید لتاریخ فلسفه اسلامی

تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية

ژانرونه

وقد لا يكون بعيدا عن غرض الشافعي في وضع أصول الفقه أن يقرب الشقة بين أهل الرأي وأهل الحديث، ويمهد الوحدة التي دعا إليها الإسلام.

وفي كتاب «تقويم النظر» لمحمد بن علي المعروف بابن الدهان، من نسخة خطية بدار الكتب الأهلية بباريس: «وقيل لبعض القصاص: ما السر في قصر عمر الشافعي؟ فقال حتى لا يزالوا مختلفين، ولو طال عمره رفع الخلاف.»

تحليل الرسالة

وصف الشافعي في خطبة «الرسالة» حال الناس عند بعثة النبي من الجهة الدينية، فبين أنهم كانوا صنفين: «أهل الكتاب بدلوا أحكامه وكفروا بالله وافتعلوا كذبا صاغوه بألسنتهم، فخلطوه بحق الله الذي أنزل إليهم.

وصنف كفروا بالله فابتدعوا ما لم يأذن به الله، ونصبوا بأيديهم حجارة وخشبا وصورا استحسنوها، ونبزوا أسماء افتعلوها ودعوها آلهة عبدوها، أو عبدوا ما استحسنوا من حوت ودابة ونجم وغار وغيره.»

ثم ذكر الشافعي أن الله أنقذ الناس بمحمد من هذا الضلال، وأنزل عليه كتابه فقال:

وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد

فنقلهم به من الكفر والعمى إلى الضياء والهدى.

وتكلم على منزلة القرآن من الدين واشتماله على ما قد أحل الله وما حرم، وما تعبد الناس به، وما أعد لأهل طاعته من الثواب، وما أوجب لأهل معصيته من العقاب، ووعظهم بالإخبار عمن كان قبلهم.

ورتب الشافعي على ذلك ما يحق على طلبة العلم بالدين من بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علم القرآن وإخلاص النية لله، لاستدراك علمه نصا واستنباطا، فإن من أدرك علم أحكام الله - عز وجل - في كتابه نصا واستدلالا ووفقه الله - تعالى - للقول والعمل بما علم منه، فاز بالفضيلة في دينه ودنياه، وانتفت عنه الريبة، ونورت في قلبه الحكمة، واستوجب في الدين موضع الإمامة.

ناپیژندل شوی مخ