313

============================================================

السهيد شح معالمر العدل والترحيد تعالى عنهم في قوله: (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) (1) فطلب من الله تعالى الرؤية ليحصل منه البيان على أنه ليس بمرئي، وأضاف السؤال إلى نفسه ليكون حصول البيان على أنه تعالى ليس بمرئي أكبر وقعا وأشد تمكنا في القلوب؛ لأنه إذا منع موسى عن الرؤية مع عظم قدره وقربه إلى الله تعالى فغيره يكون بالمنع أولى. وهذا تأويل الشيخين أبي على وأبي هاشم، وفيه نظر من وجوه: أما أولا فلأن هذا عدول عن ظاهر الآية من غير دليل، فلا يكون مقبولا.

وأما ثانيا فهو أن الرؤية لو كانت لقومه وهو عالم باستحالتها على الله تعالى لمنعهم موسى عن السؤال، ولوجب عليه الرد عليهم؛ لأنه لا يجوز للأنبياء تقرير الجهال على جهالاتهم واعتقادهم الباطل، وهذا فإنهم لما قالوا له اجعل لنا إلها كما هم آلهة لم يسأل ذلك بل رد عليهم جهالتهم في الحال بقوله: (إنكم قؤم تجهلون)(2).

وأما ثالثا فالذين سألوا موسى الرؤية إما أن يقال هم المؤمنون الذين كانوا مصدقين بشبوته، فكان يجب عليه أن يمتعهم عن سؤال الأمور الممتنعة، وكان كلامه كافيا لهم في المنع عن ذلك؛ لأن المؤمن إذا منعه الرسول عن شيء امتنع منه، فكان لا يحتاج إلى سؤال الله تعالى. وإما أن يقال هم الكفار الذين سأل لهم الرؤية، فهم ما كانوا وقت السؤال حاضرين، وإنما الحاضر هم السبعون الذين اختارهم موسى من قومه كما حكى الله عنه في قوله: (واختار موسى قومه سبعين رجلا ليقاتنا)(3)، وإذا لم يكن أحد من الكفار حاضرا في تلك الحال بطل أن يكون السؤال لهم.

ا- سورة البقرة: آية55.

2- سورة الأعراف: آية 138.

3- سورة الأعراف: آية155.

مخ ۳۱۳