246

============================================================

النهيل شح معالم العدل والتوحيل الله تعالى يصح منه إيجاد هذه الحروف والأصوات، وأما النزاع في الوقوع فغير متصور أيضاب لأن عندهم أن الله تعالى موجد لجميع أفعال العباد ومنها هذه الحروف والأصوات، فلا يمكن إنكار كونه تعالى موجدا لها، وأما على مذهبنا فنحن نثيت كونه تعالى موجدا لها بالسمع، لأن وقوعها من جهة غيره مكن فلا يستفاد كونه موجدا لها إلا بالسمع. فإذا كان لا معنى لكونه متكلما إلا خلق هذه الحروف والأصوات، ولم يثبت أن له تعالى صفة ولا حالة ولا حكما من كونه موجدا لها أزيد من كونه قادرا عليها عالما بها مريدا لوجودها، فقد صح ما ادعيناه وأنه لا نزاع بيننا وبينهم في كونه متكلما بالمعنى الذي ذكرناه.

ال وأما النزاع اللفظي فهو أن يقولوا: إنا لا نسلم أن لفظ المتكلم موضوع في اللغة لموجد الكلام وإنما هو موضوع بالاشتراك لموجد الكلام ولمن اختص بصفة ككونه قادرا وعالما.

وأقوى ما تمسك به أصحابنا في أن المتكلم فاعل الكلام وجهان: أحدهما أن لفظ المتكلم من أسماء الفاعلين الجارية عليهم، فلا يقع إلا على الموجد لذلك الفعل كالكاسر والضارب.

وثانيهما أن العرب تقول: تكلم الجني على لسان المصروع. فيضيفون كلام المصروع إلى الجني؛ لاعتقادهم كون الجني فاعلا له ومتكلما على لسانه، فلولا اعتقادهم أن المتكلم هو فاعل الكلام وإلا لما صح ذلك منهم، فحصل من مجموع كلامنا أن المتكلم على مذهبنا ومذهب المعتزلة هو فاعل الكلام.

وأما الأشعرية فهم يزعمون أن كلام الله تعالى صفة مغايرة هذه الأحرف والأصوات قائمة بذاته، ويثبتون قدمه كسائر صفاته، فالمطالبة لهم في آمور ثلاثة: تصور حقيقة هذه الصفة أولا، وإثباتها له تعالى ثانيا، وإثبات قدمها ثالثا. ونحن من وراء الوفاء بالإبطال لهذه

مخ ۲۴۶