============================================================
النسهيد شح معالمر العدل والنوحيل وجوابه من وجوه: أما أولا فنحن لا نسلم تماثلهما بالإضافة إليه ولو كانا في أنفسهما مثلين، فربما يعتقد لأحدهما فضلا على الآخر فيكون ذلك سببا للعدول إلى أحدهما دون الآخر.
وأما ثانيا فلو تناهيا في التصوير إلى أنهما مستويان من كل الوجوه فربما يذهل عن أحدهما لاستوائهما في الغرض، ويصير الحال كما لو لم يكن إلا أحدهما.
وأما ثالثا وهو الصحيح فلأن حال القادر ليس كحال الموجب، فإن أثر الموجب متى صح وجب ومتى لم يصح استحال، والقادر يفعل أحد مقدوريه لقصده وداعيه مع استوائهما في كونهما ممكني الوقوع على سواء، فمتى استويا في الغرض فإنه يفعل أحدهما لداعيته من دون أمر آخر. فإذا قال السائل: ما الذي رجح وجود المقدور على عدمه ؟ فمن جوابنا أنه القادر. فإذا قال: فلم وجد في هذا الوقت دون ما قبله وبعده، ولم اختص بالحصول دون ضده ؟ قلنا: الفاعل المختار لمكان داعيه، فمتى قال فلنفرض قيام الداعي في كل واحد من الضدين على سواء. قلنا: من هاهنا يتميز القادر عن الموجب، فإنا لو جرينا في هذا الموطن على طلب مخصص لأحد مقدوريه دون الآخر غير كونه فاعلا مختارا لألحقناه بباب الموجب وخرج عن حد الاختيار، وهذا يرفع ما عرفناه ضرورة من الفرق بين القادر والموجب.
ل وحصل من مجموع ما ذكرناه أن الفاعل مفتقر في الأصل إلى الداعي ليبعثه على الفعل، وعند فرض الاستواء في الفعلين من كل الوجوه يفعل أحدهما دون الآخر من غير أمر وراء كونه فاعلا مختارا.
مخ ۱۳۹