117

============================================================

السهيد شح معالمر العدل والتوحيل وذهب الشيخان أبو الهذيل وأبو الحسين إلى أن صدور القبيح منه تعالى ممكن بالنظر إلى قادريته مستحيل بالنظر إلى داعيته؛ لأن الفاعل لا بد له من داعية، والداعي إلى فعل القبيح محال في حق الله تعالى، فيستحيل صدور القبيح منه تعالى نظرا إلى هذه الجهة.

والمعتمد في إبطال مذهب النظام أمران: الأول منهما جملي وهو أن هذه الأمور الموصوفة بالقبح ممكنة، وكل ممكن فإنه يجب أن يكون مقدورا لله تعالى؛ لأن سائر الأمور الممكنة نسبتها إلى ذاته واحدة، فلا اختصاص لبعضها دون بعض بالمقدورية، فيجب آن يكون قادرا على جميعها، وهو المطلوب.

الثاني تفصيلي وهو أن ندل على أنه تعالى قادر على الصور المفردة من القبائح، ثم لقدرته على الظلم؛ ولأنه لا نزاع في أته تعالى قادر على تعذيب المجرم، وذلك التعذيب لماهيته ومعقوليته مقدور لله تعالى، وحقيقة ذلك التعذيب لا تتوقف على سبق الجرم؛ لأن الواحد منا يمكنه تعذيبه من غير سابقة جريمة، فاذن الله تعالى قادر على تعذيب غير مشروط في ذاته بسابقة جرم، وهو بعينه قدرة على القبيح، فيجب أن يكون قادرا عليه.

و أما قدرته على الكذب فيدل عليه أنه تعالى قادر على أن يقول العالم ليس قديما، والتلفظ بلفظ العالم مع لفظ القديم لا يتوقف على التلفظ بلفظة ليس؛ لأنه لا لبس في أنه يمكننا أن نتلفظ بهما من غير التلفظ بلفظة ليس، وكل من قدر على مجموع أمور لا يكون البعض فيها مشروطا بالبعض وجب أن يكون قادرا على كل واحد منهما عند عدم الآخر، وذلك يقتضي أن يكون القديم تعالى قادرا على أن يقول العالم قديم، ولا شك في كونه كذبا، فيجب أن يكون قادرا على الكذب.

و أما قدرته على الجهل فيدل عليه أنه تعالى قادر على خلق العلم، والقادر على الشيء لا بد أن يكون قادرا على ضده؛ لأن هذا هو الأصل في معقول القادر أن يكون قادرا على

مخ ۱۱۷