كَثِيرَة مِنْهَا الْقُرْآن المرسوم فِي مَصَاحِفنَا الَّذِي أَتَى بِهِ وتحدى الْعَرَب بالإتيان بِمثلِهِ وَمِنْهَا حنين الْجذع وَكَلَام الذِّئْب وَجعل قَلِيل الطَّعَام كثيرا وانشقاق الْقَمَر وتسبيح الْحَصَى فِي يَده وَكَلَام الذِّرَاع لَهُ فِي غير هَذِه الْآيَات مِمَّا يجْرِي مجْراهَا وَقد علم أَن مَجِيء مثلهَا من الْخلق مُمْتَنع مُتَعَذر وَأَنه من مقدورات الْخَالِق سُبْحَانَهُ
فَإِن قَالُوا وَمَا الطَّرِيق إِلَى الْعلم بِصِحَّة هَذِه الْآيَات وظهورها على يَدَيْهِ قيل لَهُم السَّبِيل إِلَى ذَلِك من طَرِيقين أَحدهمَا الِاضْطِرَار وَالْآخر النّظر وَالِاسْتِدْلَال
فَأَما الْعلم بِظُهُور الْقُرْآن على يَده ومجيئه من جِهَته وَأَنه تحدى الْعَرَب أَن تَأتي بِمثلِهِ فواقع لنا وَلكُل من خَالَفنَا باضطرار من حَيْثُ لَا يُمكن جَحده وَلَا الارتياب بِهِ كَمَا أَن الْعلم بِظُهُور النَّبِي ﷺ بِمَكَّة وَالْمَدينَة ودعوته إِلَى نَفسه وَاقع من جِهَة الِاضْطِرَار لِأَن الْمُسلمين وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس والصابئة والثنوية والزنادقة وكل منحرف عَن الْملَّة يقرونَ بِأَن الْقُرْآن المتلو فِي محاريبنا المرسوم فِي مَصَاحِفنَا من قبل النَّبِي ﷺ نجم وَمن جِهَته ظهر من غير اخْتِلَاف بَينهم فِي ذَلِك
فَلَو حمل حَامِل نَفسه على ذَلِك لجحد الضَّرُورَة وَسَقَطت مُطَالبَته كَمَا لَو ادّعى مُدع أَن التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل لَيْسَ هما من جملَة مَا ظهر من قبل مُوسَى وَعِيسَى ﵉ لَكَانَ معاندا وجاحدا