[بدعة القدر والجبر ومخالفتهما للكتاب والسنة]
ثم ظهر في حدود السَّبْعين بدعةُ القدر١، كذبوا بالعلم، أو بالمشيئة العامّة، وذلك مخالف للكتاب والسنة.
وجاءت الجَبريَّة٢ فجعلوا العبد مجبورًا لا حكم عليه، فهذه أيضًا بدعة مخالفة لما في الكتاب من الأمر والنَّْهي، والوعد والوعيد، وإثابة المُحْسِن، وعقوبة الظالم.
فالأوَّلُون كذَّبوا بخروج العصَاة من النّار٣، وأحاديث الشفاعة، ومن الأخيرين يقولون: لا عذاب، وإن الإيمان لا يتفاوت.
[بدعة الجهمية]
ثم وجدت بدعة الجهّمِيّة٤، والكلام في الله، فأنكروا الكلام والمحبَّة، وأن يكون كَلَّمَ موسى، أو اتخذ إبراهيم خليلا، أو أنَه على العرش استوى، وذلك مخالف للنصوص.
_________
١ أول من أظهر بدعة القدر، سوسن، ويقال له سنسويه، رجل من أهل العراق كان نصرانيا ثم أظهر الإسلام، ثم تنصر، وأخذ عنه هذه المقولة، معبد الجهني الذي قتله الحجاج سنة ٨٠هـ، وعنه أخذ غيلان الدمشقي.
ثم تزعم المعتزلة القول بنفي القدر بعد ذلك فسموا بالقدرية لأجل ذلك.
راجع: ابن حجر: تهذيب التهذيب ١٠/٢٢٥-٢٢٦ في ترجمة معبد الجهني.
وانظر عن القدرية: الأشعري: المقالات١/٢٩٨. والبغدادي: الفرق بين الفرق١١٤.والشهرستاني: الملل والنحل١/٤٥،٤٣.
٢ أول من قال هذه المقالة: الجهم بن صفوان السمرقندي، قال الذهبي: "هلك في زمان التابعين"، وذكر أنه زرع شرا عظيما، وذكر ابن كثير أنه قتل سنة ١٢٨ هـ. انظر: ميزان الاعتدال:١/٤٢٦، والبداية والنهاية:١٠/٢٧.
٣ في الأصل (التحار) وهو تحريف.
٤ الجهمية: اتباع الجهم بن صفوان المذكور.
انظر في شأن هذه الفرقة: الأشعري: المقالات:١/٣٣٨، والبغدادي: الفرق بين الفرق٢١١، والشهرستاني: الملل والنحل:١/٨٦.
1 / 104