قال: واما الذين يقولون ان الاجرام مركبة من السطوح، وأنها تنحل إليها، فإن بعضهم يبطل كثيرا من الأمور التعاليمية المعترف بها عند أهل التعاليم، وذلك أنه إذا كانت الأجسام تنحل إلى السطوح، فقد يلزمهم ان تنحل السطوح إلى الخطوط، والخطوط إلى النقط، فيلزمهم أن تكون الأجسام مركبة من النقط. وهذا يرفع كثيرا [ 32 ظ: ع] من الأصول والأوضاع التعاليمية، مثل أن كل خط فإنه يقسم بنصفين، ومثل أن المقادير (منها صم ومنها منطقة)، إلى غير ذلك من المحالات اللازمة لهم في هذا الجنس التي قد عددت فيما سلف من هذا العلم. (واما الآن فإنه يروم أن ينظر في ذلك هاهنا من) (31 و) [14و ] المحالات اللازمة لهم من جهة الأمور الطبيعية، وذلك أن المحالات التي تعرض من فرض هذا الرأي لأصحاب التعاليم تعرض لأصحاب العلم الطبيعي، والمحالات التي تعرض لأصحاب العلم الطبيعي لا تعرض لأصحاب التعاليم. قال: والعلة في ذلك أن الجرم التعاليمي ناقص عن الجرم الطبيعي، وذلك أن التعاليمي انما ينظر في الجرم من حيث هو مجرد من الهيولي ومن الاعراض اللاحقة له من أجلها، مثل البياض والسواد والخفة والثقل وغير ذلك. واما الطبيعي فإنه ينظر في الجرم من حيث هو في مادة ومقترنة به أعراضه الهيولانية، وهذا هو معنى أن الجرم التعاليمي ناقص عن الجرم الطبيعي ومحصور فيه، وذلك أنه إذا كان الجرم التعاليمي محصورا في الجرم الطبيعي، أعني أن الجرم الطبيعي يتضمن الجرم التعاليمي وزيادة، لم يكن الجرم الطبيعي محصورا في التعاليمي، فواجب أن يكون ما يعرض للجرم التعاليمي يعرض ضرورة للطبيعي، وألا يعرض للتعاليمي كل ما يعرض للطبيعي. مثال ذلك أن النقطة التي يلزمهم أن تتركب منها الأجسام، إذا أخذت تعاليمية، لم يلزمهم في ذلك المحال الذي يلزمهم إذا أخذت النقطة طبيعية، أعني مع الهيولي، (وذلك أنه يلزمهم أن تكون النقطة منقسمة) على ما سيظهر من القول بعد. ولما بين جهة المعاندات التي يقصد أن يستعملها مع أصحاب هذا الرأي في هذا الموضع شرع في تعديدها.
القسم الثاني
وهذا القسم فيه فصلان: الفصل الأول يذكر فيه المحالات اللازمة لأصحاب هذا الرأي. واما الفصل الثاني فيبين فيه على جهة الاستظهار ما كان وضعه في البرهان الأول من أن كل جسم متحرك حركة استقامة فهو اما ثقيل واما خفيف. ويتطرق من هذا إلى وجوب الحركة الطبيعية لجميع الأجسام. ثم يعرف كيف تكون هذه الحركات بتوسط الهواء، أعني الطبيعية والقسرية، وانه ضروري فيها أو كالضروري.
مخ ۲۸۵