تلخیص سما او عالَم

Ibn Rushd d. 595 AH
113

تلخیص سما او عالَم

تلخيص كتاب السماء والعالم

ژانرونه

فلسفه

ولما تبين له أن هذه العناصر الأربعة تختلف بفصول خاصية ومواد خاصية، أخذ يبين ان كل من لم يعتقد في الاسطقسات هذا الاعتقاد لزمه ضرورة الا يوجد شيء منها يتحرك دائما إلى فوق وشيء يتحرك دائما إلى أسفل، على ما هو المحسوس من أمرها، فانا نرى النار تتحرك دائما إلى فوق، صغيرة كانت أو كبيرة، ونرى الأرض تتحرك دائما إلى أسفل، صغيرة كانت أو كبيرة، فمن اعتقد أن لهذه الاسطقسات طبيعة واحدة أو طبيعتين فقط متضادتين فإنه لا يتخلص من هذا الشك، وذلك أنه إن وضعها طبيعة واحدة فلا يخلو ذلك من أمرين: اما أن يضع تلك الطبيعة ثقيلة في الأزل وان الخفة عارضة لها بمنزلة من قال أن صغر المثلثات وقلة الأجزاء هو السبب في الحفة، وأما >وأما< المثلثات في أنفسها والأجزاء فثقيلة، أو مثل من قال أن الأشياء كلها ثقيلة لوضع الملاء الذي فيها وانما تختلف بالأقل والأكثر في هذا المعنى لموضع مخالفة الخلاء للملاء، واما ان يضع أن تلك الطبيعة الواحدة خفيفة في الأصل وان الثقيل عارض لها بمنزلة من يقول أن الأشياء كلها خفيفة لموضع الخلاء الذي فيها، وانما تختلف بالأقل والأكثر لموضع قلة الملاء الذي يخالط الخلاء وكثرته. فإن وضعها ثقيلة في الأصل والخفة عارضة لها لزم أن تكون الثقيلة هي التي تتحرك دائما إلى أسفل، وأما الخفيفة شبه النار والهواء فليس يلزم فيها أن تتحرك دائما إلى فوق، بل قد يوجد منها ما يتحرك إلى أسفل، وذلك أنه ان كان السبب في حركة القطعة من النار مثلا التي عليها ب إلى فوق اما قلة الأجزاء واما مخالطة الخلاء، فقد نجد في النار الكثيرة التي هي أضعاف ب من كثرة الاجزاء أكثر مما نجده في الأرض اليسيرة التي هي جزء من ب، فيلزم أن تكون النار الكثيرة تتحرك إلى موضع الأرض اليسيرة، فقد وجد إذن شيء من المتحرك [ 50 ظ: ع ] إلى فوق يتحرك إلى أسفل وذلك مستحيل. وكذلك يلزم أن السبب في خفة الثقيل مخالفة الخلاء له، أعني ان يوجد في النار اليسيرة من الخلاء أقل مما في الأرض الكثيرة فتكون النار اليسيرة تتحرك إلى أسفل والكثيرة إلى فوق، وكذلك يلزم من وضع > أن جعلنا < أن طبيعة هذه الأجسام هي الخفة لوضع الخلاء، وان الثقل عارض لها من جهة اختلافها في الخفة بالأقل والأكثر لموضع مخالطة الملاء للخلاء، أعني أنه يوجد الشيء الخفيف دائما خفيفا ولا يوجد الثقيل دائما ثقيلا، بعكس ما لزم إذا جعلنا الأصل الثقل، وذلك أنه إن كان السبب في ثقل الأرض انها أكثر ملاء من الهواء والنار فقد يوجد في أرض صغيرة من الملاء أقل مما يوجد في هواء كبير فتكون الأرض اليسيرة خفيفة والكبيرة ثقيلة. واما من جعل لها طبيعتين فقط متضادتين بمنزلة من جعل طبيعة النار للخلاء وطبيعة الأرض الملاء، فإنه وان كان لا يلقاهم هذا العناد في الطرفين فإنه يلقاهم في المتوسط الذي بين هذين الطرفين، وذلك أن الماء والهواء على رأيهم مركب من النار والأرض، إلا أن الهواء يكون من نار كثيرة وأرض يسيرة والماء بخلاف ذلك، أعني من نار يسيرة وأرض كثيرة. وإذا كان ذلك كذلك لزم أن يكون > في< الهواء الكثير أثقل من الماء اليسير، وكذلك يلزم أن يكون الماء الكثير أخف من الهواء اليسير. إلا أن يقولوا أن نسبة النار إلى الأرض في الماء والهواء هي نسبة محدودة فيتخلصون لعمري من هذه المحالات، لكن يلزمهم محال آخر وهو ألا يكون الهواء الكثير أسرع حركة إلى فوق من الهواء اليسير على ما قال قبل. فقد تبين من هذا أن ما يقوله أرسطو في الثقيل والخفيف وفي طبائعهما هو الرأي الذي لا يلقاه شك ولا يخالفه حس.

الفصل السابع

مخ ۳۸۰