فلننظر فى الاسباب الفاعلة لهذين الصنفين من الرؤيا. فنقول اما الرؤيا الصادقة، فلما كانت تدل على معرفة وجود شى مجهول الوجود عندنا بالطبع، قبل هذه المعرفة، وهى فى وقت المعرفة فى الاكثر معدومة، وكان هذا التصديق الحاصل لنا بعد الجهل، ليس يحصل عن معرفة متقدمة عندنا فاعلة ولا بعد فكر ولا رؤية بمنزلة ما تحصل المعرفة التصديقية والتصويرية الحاصلة لنا عن المقدمات، فانه قد تبين فى كتاب البرهان ان المعرفة التصديقية والتصورية يتقدمها بالطبع صنفان من المعرفة: فاعل وموطىء. واما هذه المعرفة التى تحصل فى النوم، فظاهر انه ليس يتقدمها الصنف الفاعل. واما هل يتقدمها الصنف الموطىء، ففى ذلك نظر. واذا كانت هذه المعرفة حاصلة لنا بعد الجهل، وموجودة بالفعل بعد ان كانت بالقوة، ولم تكن فيها معرفة فاعلة لهذه المعرفة، فبين ان الحال فى حصول هذه المعرفة لنا كالحال فى حصول المقدمات الاولى. واذا كان ذلك كذلك، فواجب ان يكون الفاعل لهما واحد، من جنس واحد.
مخ ۷۲