واما خصوصية ادراك هذه الحواس الخمس فى الحيوان، فانها ليست على جهة واحدة، وذلك انها فى الانسان تدرك فصول الاشياء ومعانيها الخاصة، وهى التى تتنزل من الشىء المحسوس منزلة اللب من الثمرة. وفى الحيوان انما تدرك الامور التى من خارج، وهى التى نسبتها الى الاشياء نسبة القشر الى اللب من الثمرة. والدلالة على ذلك ان البهائم لا تحرك عن هذه الحواس حركة الانسان عنها، فان الانسان يضطرب عند سماع الالحان ولا تضطرب البهائم، ولا ان قيل ذلك باشترك الاسم. وكذلك يتحرك الانسان من رؤية الاصباغ والاشكال حركة لا تتحركها البهائم. وكذلك الامر فى اصناف المطاعم والمشمومات، وان كانت مشاركة البهائم فى هذه اكثر لمكان جسمانيتها. وكذلك الامر ايضا فى قوة اللمس، فان ليد الانسان فى ذلك خاصة ليست لغيره. والانسان يستدل بالشم على الطعم الموافق والضار، ويتداوى بالمشمومات كما يتداوى بالمطعومات. وانما كانت المشمومات سببا للبرء من امراض الراس الرأس ، لان الراس بارد رطب، والمشموم فى اكثر حار يابس.
مخ ۳۴