كلابها في سبيل الله، ثم أنا اليوم أحمل إليها مصفدا في الحديد ، ثم قال حجر للذي أمر بقتلهم: دعني أصلي ركعتين خفيفتين، فلما سلم انفتل إلى الناس فقال: لولا أن يقولوا جزع من الموت لأحببت أن يكونا أنفس مما كانتا، وأيم الله لئن لم تكن صلاتي فيما مضى تنفعني ما هاتان بنافعتي شيئا، ثم أخذ ثوبه فتحزم به ثم قال لمن حوله من أصحابه: لا تحلوا قيودي فإني أجتمع ومعاوية على هذه المحجة، ثم مشى إليه هدبة الأعور (1) بالسيف فشخص إليه حجر فقال: ألم تقل إنك لم تجزع من الموت؟
فقال: أرى كفنا منشورا وقبرا محفورا وسيفا مشهورا فما لي لا أجزع أما والله لأن جزعت لا أقول ما يسخط الرب فقال له: فابرأ من علي وقد أعد لك معاوية جميع ما تريد إن فعلت فقال: ألم أقل إني لا أقول ما يسخط الرب والله لقد أخبرني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيومي هذا (2).
ثم قال: إن كنت أمرت بقتل ولدي فقدمه، فقدمه فضربت عنقه فقيل له: تعجلت الثكل فقال: خفت أن يرى هول السيف على عنقي فيرجع عن ولاية علي (عليه السلام) فلا نجتمع في دار المقامة التي وعدها الله الصابرين.
ولما حمل عبد الرحمن بن حسان العنزي، وكريم بن عفيف الخثعمي، وكانا من أصحابه قال: قال: العنزي: يا حجر لا تبعد ولا يبعد ثوابك فنعم أخو الإسلام كنت وقال الخثعمي: يا حجر لا تبعد ولا تفقد فلقد كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ثم ذهب بهما إلى القتل فأتبعهما حجر بصره وقال:
كفى بشفاة القبر بعدا لهالك * وبالموت قطاعا لحبل القرائن (3)
مخ ۵۰