نتشاجر أنا وابن الطباخة. تعامله «بسيمة» كأنه ابنها. أنتظر في الصباح حتى تخرج من غرفة النوم إلى الحمام. أدخل لأشكو لأبي. واقف بجوار السرير. يثبت حزام الفتاق. وجهه متجهم. فوق كوميدينو بجوار الفراش زجاجة صغيرة عليها صورة أسد.
يغادر الكونستابل الغرفة ويعود بقطعة قماش وبيجامتين. القماش سميك ذو لون بني داكن. يقول أبي وهو يفحصه: ده قماش ستاير. يقول الكونستابل: وينفع بدلة. يبسط البيجامتين. واحدة بيضاء مخططة. لها زراير من الصفيح. يقول أبي: دي بتاعة أسرى الحرب. يطلب مني ارتداءها. أجدها على مقاسي. الأخرى لونها سمني. بزراير من الصدف. يقول إنها خفيفة تصلح للصيف. يستمهله أبي حتى أول الشهر.
يقول الكونستابل: خلي عنك. من غير فلوس. يضع أبي القماش والبيجامتين جانبا. يقول الكونستابل: عندي كمان شرابات نايلون للستات. يضحك أبي: إنت شايف حد منهم هنا؟
7
يضع كوبا من الماء فوق سطح المكتب. يخرج من الدولاب المرآة ذات الإطار المعدن «المكسور» وصندوق الكرتون الصغير الذي يحوي عدة الحلاقة. يضعهما على المكتب ويجلس خلفه. يدس الفرشاة ذات القاعدة الخشبية والطلاء المقشور في الماء. يدعكها في قطعة من الصابون على شكل شمعة بغلاف من ورق مفضض. أسأله إذا كان ينوي الخروج. لا يرد علي . يدهن ذقنه عدة مرات حتى يصنع رغوة كبيرة. يفض غلاف الموس البنفسجي. يحرك حافته فوق كفه السمين جيئة وذهابا. يضعه في ماكينة الحلاقة المعدنية. يمر بها على ذقنه ثم يخلصها من الصابون في كوب الماء. يكرر ذلك عدة مرات. يصبح خداه ناعمين كالحرير. يتناول الفوطة الملونة من فوق حافة الفراش. يزيل بها آثار الصابون من وجهه. ينهض واقفا ويبدأ في ارتداء ملابسه. يتناول البزة الزرقاء. يثبت حمالتي البنطلون في كتفيه. يرتدي الصدرية. من قماش البزة ولونها. ظهرها من قماش حريري أسود اللون. يتدلى من جانبيها طرفا الإبزيم الذي يحبكها على الجسم. يعطيني ظهره لأتولى تعشيق الطرفين. أتوسل إليه أن يأخذني معه. يرفض: لا، إنت وراك مذاكرة. يشير إلى المكتب: تقعد هنا متقومش، أنا مش حتأخر.
يمسح سطح طربوشه بكم سترته. يطوي طرفي شاربه داخل فتحتي أنفه ثم يطلقهما. يبرمهما بأصابعه. يفتح مصراع البلكونة الزجاجي ويرفع شنكل الباب الخشبي. يدفعه إلى الخارج ويثبته بالشنكلين الجانبيين. يغلق المصراع الزجاجي. أطلب منه أن يغلق باب الغرفة خلفه. أنصت إلى صوت إغلاق باب الشقة وخطواته المتمهلة على السلم.
يبتعد صوت قدميه. أغادر مقعد مكتبي أتخلص من البطانية التي أحيط بها جسدي. أجذب باب الدولاب الموارب. أبحث بين الملابس المتناثرة في غير نظام. أجذب مقعد المكتب. أقف فوقه. أرى الكتاب مدسوسا في جانب من الرف العلوي. أحضره الكونستابل وأردت أن أتصفحه فنهرني أبي. الكتاب صغير الحجم وبلغة أجنبية مطوي على صفحة بها صورة تمثال لامرأة عارية. أتبين اسم «فينوس» في سطر أسفل الصورة. أقلب الصفحات. أعيده إلى مكانه.
أتفحص محتويات الرف. زجاجات دواء. أنبوبة زجاجية رفيعة بها ورقة حمراء: حبوب «كارتر» لعسر الهضم. «بلمونكس» للسعال. زجاجة «أسبرو». قطرة «بروتكتين». نصف ثمرة من جوزة الطيب. يضع أبي نتفة منها تحت لسانه عندما يشرب القهوة. برطمان به مسحوق بيكربونات الصودا. يذيبه في الماء ويستنشق منه. بقايا متسخة من عروسة المولد النبوي. حبتان من ثمرة «القراصيا» السوداء. يستخدمها أبي ضد الإمساك. كتاب بغلاف ملون يحمل عنوان «رسول الملكة ». الصفحة الداخلية بها إعلان عن «كرسي الظايط» وآخر عن براندي «أوتار». كاسات الهواء مرصوصة في نظام فوق بعضها. دفتر حكومي كبير يحوي مذكرات أمي. تكتب فيه بالقلم الرصاص بحروف كبيرة. ينتهي السطر فتترك السطر التالي وتواصل الكتابة. تقرأ لأبي بعض ما كتبت. أسمع اسم «هتلر» و«غاندي» و«مايلز لامبسون».
علبة صغيرة بها بطاقات باسم أبي. ليست هناك كلمة «بك». يقول إنها لا تكتب إلا إذا كانت البكوية من الدرجة الأولى أما بكويته هو فمن الدرجة الثانية. صورتان قديمتان في حجم الكارت بوستال. الأولى رمادية يتوسطها إطار بيضاوي. داخله طفل يرتدي فستانا طويلا مزركشا وصندلا أبيض. تحيط بعنقه فوطة بيضاء تتدلى فوق صدره. يقف فوق درجة سلم. يده ممسكة بسياج حجري. تفاصيل الوجه غير واضحة. أقلب الكارت بوستال. في الخلف اسمي كاملا مع اسم أبي بخط أمي.
الصورة الثانية لأبي جالسا بالطربوش والكرافت. بين ساقيه يقف طفل صغير في «بارباتوز» من قطعتين. الأولى تبدأ من الرقبة والثانية تصل حتى الركبتين. الصورة غير ملونة فيما عدا ملابس الطفل. لونها أخضر بشريط أصفر حول الرسغين وحول الوسط. على ظهر الصورة اسمي واسم أبي أيضا. الخط لأمي.
ناپیژندل شوی مخ