وعن مغيث الأسود أنه كان يقول: زوروا القبور كل يوم بفكركم، وتوهموا جوامع الخير كل يوم بعقولكم، وشاهدوا الموقف كل يوم بقلوبكم، وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنة والنار بهممكم، وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذكر النار ومقامعها وأطباقها.
وعن صالح المري أنه قال: للبكاء دواعي الفكرة في الذنوب، فإن أجابت على ذلك القلوب وإلا نقلتها إلى الموقف وتلك الشدائد والأهوال، فإن أجابت إلى ذلك وإلا فاعرض عليها التقلب بين أطباق النيران، قال: ثم صاح، فغشي عليه، وتصايح الناس من جوانب المسجد.
وعن أبي سليمان الداراني، قال: خرج مالك بن دينار بالليل إلى قاعة الدار وترك أصحابه في البيت، فأقام إلى الفجر قائمًا في وسط الدار، فقال لهم: إني كنت في وسط الدار خطر ببالي أهل النار، فلم يزالوا يعرضون علي بسلاسلهم وأغلالهم حتى الصباح.
وكان سعيد الجرمي يقول في وصف الخائفين: إذا مروا بآية من ذكر النار، صرخوا منها فرقًا، كأن زفير النار في آذانهم، وكآن الآخرة، نصب أعينهم.
وقال الحسن: إن لله عبادًا كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين، وكمن رأى أهل النار في النار معذبين.
وقال أيضًا: والله ما صدق عبد بالنار قط إلا ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وإن المنافق لو كانت النار خلف ظهره، لم يصدق بها حتى يهجم عليها.
وقال وهب بن منبه: كان عابد في بني إسرائيل قام في الشمس يصلي حتى اسود وتغير لونه، فمر به إنسان، فقال: كأن هذا حرق بالنار، قال: إن هذا من ذكرها، فكيف بمعاينتها؟ ! .
1 / 46