الأمرين؛ فالكتاب في فكرته الرئيسية يعد محاولة جليلة تستحق التقدير، وخاصة للجهد الذي بذله المؤلف في وضع خطته وتنفيذها، وهو أيضا بحاجة إلى تحقيق، ولكن كيف الحصول على نسخ منه؟
هنا وجدت لدى الصديق الأستاذ العالم الأديب محمد باحنيني الوزير المكلف بالشؤون الثقافية- سابقا- كلّ عون مخلص إذ تفضل مبادرا فوضع تحت تصرفي النسخ الثلاث التي تقدّم وصفها، وعليها تمّ اعتمادي في التحقيق.
وفي هذه الأثناء ظهرت طبعة للكتاب بمصر سنة ١٩٨١ قام بتحقيقها فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد محمد أبو سلامة من علماء الأزهر الشريف، وقد بذل فيها جهدا طيبا، وحاول مراجعة معظم النقول على مصادرها؛ وزود الكتاب بتعليقات مفيدة، ولا يعيب هذه الطبعة إلا كثرة ما فيها من أخطاء مطبعية. وكنت قد قطعت شوطا بعيدا في التحقيق فاستشرت الحاج اللمسي في التوقف، لأني لا أحبّ هذا اللون من تكرار الجهود في العمل على إخراج كتاب ما، فكان من رأيه أنّ لكل محقق طريقته ومنهجه، وأنه يحسّ بأمرين يعدهما هامين:
أولهما: أن هذا الكتاب تونسيّ مغربيّ، ويجب أن تضطلع دار الغرب الإسلامي بنشره وتهتم بإخراجه على صورة مرضية تمام الرضى إكمالا لما لقي من اهتمام التونسيين والمغاربة من قبل.
وثانيهما: أن محقق الطبعة المصرية- مع الاحترام لجهوده- لم يذكر على أية نسخة اعتمد، ولا من أين حصل عليها، وتحقيق الكتاب على ثلاث نسخ أمر يكفل للعمل مزيدا من الدقة.
ولقد وجدتني أقبل هذا التعليل من الحاج اللمسي بعد تردد، فأكمل ما بدأته، رغم كلّ ما كلفني ذلك من وقت في المقارنة والتدقيق؛ غير أني نهجت في تحقيق هذا الكتاب نهجا مخالفا بعض الشيء لما اتبعته في معظم ما حققته من كتب، نزولا على ما تحكم به طبيعة الكتاب نفسه؛ فالخزاعي إذا نقل نصا ذكر مصدره، ولهذا فاني بعد المقارنة بين النسخ الخطية قمت بالمقارنة بين النص المنقول والأصل المنقول عنه، ودوّنت رقم الجزء والصفحة من الأصل في صلب المتن؛ مثلا: ديوان الأدب (٣:
١٩٤)؛ المشارق (١: ٢٣٦- ٢٤٧) وتركت الحواشي للتعريف ببعض الأعلام، ولمقارنة
1 / 16