تخلیص العاني
كتاب تخليص العاني من ربقة جهل المعاني للقطب اطفيش تحقيق محمد زمري
ژانرونه
فهذا العموم السلب مع تأخر " كل " عن أداة السلب فإنك لا تجد <<خوانا>> أو <<ختارا>> يحبه الله، ولا <<كفارا>> تجوز طاعته. وإن لم يكن السور، نحو: " إنسان لم يقم " لم يفد العموم ولو تقدم، وكذا إن لم يكن النفي، نحو " إنسان قام "، وإنما أفاد تقديم " كل " على السلب العموم في نحو: " كل إنسان لم يقم" لتكرر الإسناد فيفيد التقوية لا محالة، فلا بد لجعل النكتة فيه إفادة العموم دون تأكيد الحكم - من سبب، وذلك السبب أن تقوية الحكم تأكيد، وإفادة العموم تأسيس. وترجيح التأكيد على التأسيس، كترجيح <<الخسيس>>على <<النفيس>>، فلا يحسن للبليغ، فلا يظن به.
ثم إني أزيد لك بيانا فأقول: " لم يقم كل إنسان " تركيب تأخر فيه " كل "، وإذا جددت عبارة أخرى وقلت فيها: " كل إنسان لم يقم " بتقديم " كل " كان ينبغي أن يكون هذا التجديد لفائدة لم تكن في التأخير، أعني أنه ينبغي أن يتغاير المعنيان، ولو لم يتغايرا وكانا على سلب العموم لكانت العبارتان متواطئتين على معنى واحد مشبهتين لشيئين أحدهما مؤكد للآخر، والإفادة خير من الإعادة. قيل غالبا ومن غير الغالب التأكيد للمنكر الذي ليس معه ما يزيل إنكاره، فإنه يجب التأكيد والإعادة، فليست الإفادة خيرا.
وقد قررت لك أنه ليس المراد بالتأكيد في هذا المبحث التأكيد الاصطلاحي، بل أن لا يتبدل المعنى فلا يعترض بأنه لم تؤكد كل شيئا بل بدلت العبارة، وإن قلت: استعمال << كل >> في التأكيد أكثر فالحمل عليه أرجح، قلت: ليس بأكثر، لأن استعماله في التأكيد مشروط بأن يكون مضافا إلى ضمير غير مجرد عن العوامل اللفظية، ولو سلمنا أنه أكثر لكان أيضا غير معارض لما ذكرنا لأنه أقوى، لأن وضع الكلام على الإفادة، وأكثر الكلام إفادة لا إعادة. والله أعلم.
مخ ۲۶۳