تجرید
شرح التجريد في فقه الزيدية
ژانرونه
قيل له: لو خلينا وظاهر الآية، لأوجبنا ذلك، إلا أنا خصصناه بدلالة الإجماع، على أنا لو دفعنا سؤالهم في القصد بأنه مخصوص بالإجماع، لكان ذلك جائزا، إلا أنا أحببنا كشف الكلام فيه، لأنه أصل كبير.
فإن قيل: العبد يكون مخلصا من حيث اعتقد الإيمان فهو إذا مخلص في سائر شرائعه من حيث اعتقد الإيمان، لأنه لو لم يكن مخلصا، لكان مشركا، لأن ضد الإخلاص الشرك، فكان يجب أن يكون من لم ينو مشركا.
قيل له: ما قلت إن العبد يكون باعتقاد الإيمان مخلصا في جميع الشرائع، فليس الأمر على ما قلت؛ لأنه لا يمتنع أن يكون يعتقد الإيمان، ويخلص في عبادة ولا يخلص في أخرى، والآية اقتضت أن يضام الإخلاص جميع العبادات، ألا ترى أن قائلا لو قال: ما أمر فلان إلا بأن يخرج راكبا، لأقتضى ذلك أن يكون خروجه يضامه الركوب، وكذلك لو قال: ما أمر إلا بأن يصلي متطهرا، فإذا كان ذلك كذلك، فلا بد من قصد يضام جميع العبادات بحكم الظاهر، إلا ما خص منه الدليل.
وقوله: إن ضد الإخلاص هو الإشراك فلو كان الأمر على كما قلتم، لكان من لم ينو مشركا غلط /37/، وذلك بأنا لو سلمنا أن الإشراك ضد الإخلاص، لم يجب أن يكون من خرج عن الإخلاص مشركا؛ لأن الشيء لا يمتنع أن يكون له أضداد كثيرة، فإذا خرج عن بعضها لا يجب أن يحصل على سائرها، ألا ترى أن حركة الإنسان إلى جهة يمينه يضاد حركته إلى جهة يساره؟ وكذلك تضاد حركة أمامه وحركة خلفه، وحركة فوقه، وحركة تحته، وإذا خرج عن أن يتحرك إلى ذات اليمين، فلا يجب أن يحصل متحركا إلى جميع تلك الجهات. وهذا وضوحه يغني عن تكثير ضرب أمثاله.
فعلى هذا لا يمتنع أن يخرج الإنسان عن كونه متطهرا على وجه الإخلاص إلى كونه متطهرا على وجه العبث، وإلى وجه التبرد وغيرهما، وإن لم يكن متطهرا على وجه الإشراك؛ لأن المتطهر يكون متطهرا على وجه الإشراك إذا قصد به العبادة لغير الله.
مخ ۷۵