تجرید
شرح التجريد في فقه الزيدية
ژانرونه
قيل له: إن القبلة وإن كان أصلها التحري، ففي الجهات ما يعلم على القطع أنه غير جهة القبلة، فإذا صلى إليها، ثم علم، كان سبيله سبيل من يعلم أن اجتهاده الأول وقع مخالفا للنص في أنه يجب أن يعيده، ولا يعتد به، وينقضه إن كان حكما، يبين ما ذكرناه من أن في الجهات ما يعلم قطعا أنه غير جهة الكعبة، وأن في الجهات ما لا يجوز للمجتهد أن يصلي إليها، ويقطع على أنه مخطئ متى صلى إليها، وأن صلاته باطلة، على أنه لا خلاف أن الأسير إذا تحرى شهر رمضان، فأداه ذلك إلى صيام شعبان، ثم علم به في شهر رمضان، أن عليه الإعادة، واختلفوا إن علم بعد شهر رمضان فأحد قولي الشافعي، أنه لا يعيد، حكاه ابن أبي هريرة في (التعليق)، وكذلك ذكر فيمن أخطأ عرفة، فوقف يوم التروية ثم علم به يوم عرفة، فعليه إعادة الوقوف، وإن لم يعلم به إلا بعد مضي عرفة لم يلزمه إعادة الوقوف، وذكر أنه قول واحد، وهذا يمكن أن يجعل أصلا، ويقاس عليه الخطأ في القبلة، بأن يقال: بأنه أخطأ فيما طريقه الإجتهاد في عبادة مؤقتة، فعليه إعادتها في الوقت، ولا إعادة عليه بعد الوقت.
فإن قيل: فإن سائر ما قد مضى الإستدلال به يوجب الإعادة قبل الوقت وبعده، فقد قلتم: إنه لا يعيد بعد الوقت.
قيل له: الإستدلال يوجب ذلك، إلا أنا اتبعنا الأثر فيه، فقلنا: لا إعادة عليه، إذا علم به بعد الوقت؛ لما روى جابر، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرية كنا فيها، فأصابتنا ظلمة، فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة هاهنا قبل الشمال وخطوا خطوطا.
وقال بعضهم: القبلة هاهنا قبل الجنوب وخطوا، فلما أصبحنا، وطلعت الشمس، أصبحت الخطوط إلى غير القبلة، فسألنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عما فعلنا، فأنزل الله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله}.
مخ ۲۶۰