وحده هو المألوه يبطل هذا الشرك، ويدحض حجج أهله، وهي أكثر من أن يحيط بها إلاّ الله، بل كل ما خلقه الله - تعالى - فهو آية شاهدة بتوحيده، وكذلك كل ما أمر به، فخلقه وأمره، وما فطر عليه عباده وركبه فيهم من القوى؛ شاهد بأنه الله الذي لا إله إلاّ هو، وأن كل معبود سواه باطل، وأنه هو الحق المبين، تقدس وتعالى.
وواعجبا كيف يعصى الإله ... أم كيف يجحده الجاحد
ولله في كل تحريكةٍ ... وتسكينةٍ أبدًا شاهد
وفي كل شيءٍ له آيةٌ ... تدل على أنه واحد
والنوع الثاني من الشرك: الشرك به تعالى في الربوبيّة، كشرك من جعل معه خالقا آخر، كالمجوس وغيرهم، الذين يقولون: بأن للعالم ربّين، أحدهما خالق الخير، يقولون له بلسان الفارسيّة " يزدان "، والآخر: خالق الشر، ويقولون له بلسانهم: " أهرمن ". وكالفلاسفة ومن تبعهم الذين يقولون: بأنه لم يصدر عنه إلاّ واحد بسيط، وإن مصدر المخلوقات كلها عن العقول والنفوس، وإن مصدر هذا العالم عن العقل الفعّال هو ربّ كل ما تحته ومدبّره. وهذا شرّ من شرك عبّاد الأصنام والمجوس والنّصارى، وهو أخبث شرك في العالم، إذ يتضمن من
1 / 16