عكوس القضايا الموجبة
ولنبدء بالمستوى فنقول: الموجبة - كلية كانت أو جزئية - تنعكس فعلية إن كانت فعلية، لأن كل شيء يقال عليه الموضوع إذا اتصف بالمحمول كان هو بعينه المقول عليه المحمول متصفا بالموضوع.
وممكنة إن كانت ممكنة، لأن ذلك الشيء إذا أمكن اتصافه بالمحمول يكون شيئا ما يمكن أن يقال عليه المحمول - وقد اتصف بالموضوع بالفعل - وإذا لا يمتنع أن يصير ذلك الشيء مقولا عليه المحمول بالفعل فلا يمتنع أن يكون شيء مما يكون المحمول مقولا عليه بالفعل متصفا بالموضوع.
ووصفية إذا كانت وصفية، لأن اتصافه بالمحمول إذا كان مقارنا باتصافه بصفة الموضوع علم اتصافه بصفة الموضوع عند اتصافه بالمحمول، ولم يعلم في غير تلك الحال.
الكمية في العكس المستوي
وهذا العكس لا يحفظ الكمية بحسب المادة لاحتمال أن يكون كل من الجزئين أعم من الآخر، كما في قولنا: " كل إنسان حيوان " و" بعض الحيوان إنسان " فينعكس الكلي في مثل هذه المادة جزئيا وبالعكس.
وأما بحسب الصورة: فالجزئي يحفظها لأنه صادق في الحالتين قطعا - دون الكلي - .
الجهة لا تنحفظ في العكس
قال: ولا الجهة لاحتمال أن يكون شيئا ضروريا لما هو ممكن له كالإنسان للكاتب، فينعكس الضروري في مثله ممكنا وبالعكس، وكذلك في الوصفي - واعتبر الكاتب وتحرك يده - .
فحصل من ذلك أن عكوس الموجبات كلها جزئية، أما مطلقة أو ممكنة عامتين، أما ذاتيتين أو وصفيتين.
والعرفية والمشروطة إذا تقيدنا باللادوام بقي القيد في العكس، لأن صفة الموضوع هناك لا يدوم لذاته، والا لدام المحمول الدائم بدوامها لها، وهي في الأصل والعكس واحدة.
عكوس السوالب
وأما السالبة الكلية فإن كانت ضرورية انعكست كنفسها، لأن امتناع اتصاف كل ذات يقال عليها الموضوع بصفة المحمول يقتضي امتناع اتصاف كل ذات يقال عليها المحمول بصفة الموضوع.
وذلك لأن إمكان اتصاف شيء مما يقال عليه المحمول بصفة الموضوع يقتضي الخلف - وهو كون ذلك الشيء من جملة ما يقال عليه الموضوع، أعني من جملة ما يستحيل أن يقال عليه المحمول، وذلك لأنه مع فرض الاتصاف بصفة الموضوع بالفعل يكون من تلك الجملة قطعا، فإذن علم أنه في نفس الأمر قبل الفرض كان من جملتها، لأن فرض وقوع الممكن لا يمكن أن يصير غير ذات الموضوع ذاتا له، بل ربما يفيد العلم بأن شيئا مما لم يعلم أنه من جملة ما هو ذات الموضوع هو من تلك الجملة.
وكذلك إن كانت دائمة بمثل هذا البيان إذا بدل فيه امتناع الاتصاف بعدمه في جميع الأوقات، وإمكانه بوجوده.
وكذلك إن كانت مشروطة أو عرفية.
أما ثبوت الضرورة والدوام في العكس فلمثل ما مر.
وأما التقييد بالوصف فلأنه يحتمل أن يتصف بالموضع ما يقال عليه المحمول في غير الوقت الذي يكون فيه متصفا بالمحمول.
وفي المقيد منهما باللادوام يبقى القيد في البعض، لأن الأصل يقتضي كون كل ما يقال عنه الموضوع موصوفا بالمحمول وقتا ما، فينعكس جزئيا، وإذا أنصاف إلى السلب اللازم مع الوقت جعله لا دائما بحسب الذات في البعض.
والممكنات والمطلقات لا تنعكس، لاحتمال أن يسلب وصف غير ضروري بالقوة أو بالفعل عما يكون ضروري الثبوت له، كالكاتب عن الإنسان.
وكذلك في الوصفيات، واعتبر إمكان سلب الكاتب بالقوة أو بالفعل عن متحرك اليد عند التحريك وامتناع عكسه.
وأما السالبة الجزئية فلا تنعكس، لصحة سلب الخاص عن بعض العام وامتناع عكسه.
إلا في المشروطة والعرفية الخاصتين، فإن الأصل فيهما يقتضي أن يكون لشيء وصفان متنافيان يوجد كل منهما في وقت، وكما يسلب عنه أحدهما لا دائما - بل عند وجود الآخر - كذلك الآخر يسلب عنه لا دائما - بل عند وجود الأول - وهذا العكس ما يتبعه في أبواب الأقيسة مما عثر عليه الفاضل أثير الدين الأبهري.
أحكام عكس النقيض
وأما عكس النقيض فأحكام الموجبات والسوالب المذكورة في العكس المستوي بأعيانها تتبادل فيه، وذلك في كل قضيتين لم يؤخذ موضوعهما من حيث أنه منتف، فإنهما إذا كانتا متحدتي الموضوع والكمية، متقابلتي المحمول بالتحصيل والعدول، كانتا متلازمتين متحدتي الجهة، كما مر ذكره.
مخ ۶