============================================================
تقديم : بقلم الدكتور طه حبسين (ج) والاستطراد، ويتقدم إلى عالم جليل من أصحابه، هو محمد بن سالم الواصلى، فى حذف ما كان يرى فيه من الفضول ويتم له الشيخ ماتقدم إليه فيه دون أن يعرف أو يقدر أن عصرا من العصور سيظل العالم العربى، وإذا أهله جميعا يشبهون أشد الشبه وأقواه ذلك الملك من ملوك الأيو بيين فى بغض الإطالة والضيق بالأسانيد و النفور مما لا يفهمون من أسماء الأصوات والألحان . فهو إذن قد ألف كتابه لذلك الملك ومعاصريه ، فلم يرض أولئك وحدهم وإنما أرضى أجيالا لا تحصى بعد ذلك العصر الذى عاش فيه بقرون: ستجد فيه أدبا كثيرا قيما، وقصصا كثيرا راثعا ، وتاريخا كثيرا نافعا، وستجد هذا كله فى غير جهد ولا إضاعة للوقت ولا تكلف لما لا تحب: ولست أخفى على القراء أنى أضيق باختصار الكتب ولا أطمئن إليه ، وأرى فيه ازورارا عما أراد المؤلفون، وانحرافا عما رسموا لأنفسهم من طريق، وجحودا لما احتملوا من سلوك هذه الطريق من ألوان المشقة والعتاء : ولست أخفى على القراء أيضا أنى أقرأ كتاب الأغانى فأستمتع بأسانيده كما أستمتع بما يروى فيه من الشعر والأحاديث . ولكن لا بد مما ليس منه بد ، فليس كل الناس قادرا على أن يفرغ للأغانى وأمثاله من كتب القدماء . ونحن بين اثنتين : إما آن ننشر مثل هذا الكتاب ليقرأه وينتفع به من لا يملك من الوقت والجهد لقراءة كتاب الأغانى، وإما أن تخلى بين الأدب العربى القديم وبين النسيان يلقى عليه أستاره الكثاف ، ويقصر العلم به على الذين يفرغون له ويصصون فيه وواضح أنى أؤثر الأولى، فقراءة مختصرة لكتاب الأغانى خير من أن يجهل الكتاب ويجهل مختصره ويجهل الأدب العربى كله
مخ ۶