تجربه ښځینه
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
ژانرونه
كانت كذلك فعلا. بدت وقد تدلت من أصابعه، تؤطرها سماء زرقاء، ثمينة، نظيفة، ودائمة. وأيقنت أنه ارتكب أمرا ذا خطر في سبيل الحصول عليها.
جرت بأصابعها فوق المصراع المنخلي مفكرة، ثم فتحت له الباب ضاحكة. دخل واتجه مباشرة إلى المطبخ. وتبعته على مهل. وما إن بلغت الباب حتى ألفته قد أزال الغطاء السلكي المعقد، وترك الحليب البارد يتدفق في فمه.
راقبته، أو بالأحرى راقبت الإيقاع البادي في رقبته، باهتمام متصاعد. وعندما جرع كفايته، صب باقي الزجاجة في الحوض، وشطفها ثم قدمها إليها. تناولت الزجاجة بيد، ورسغه باليد الأخرى، وجذبته إلى حجرة المؤن. لم يكن ثمة حاجة لاستخدام تلك الغرفة، لأن أحدا لم يكن بالمنزل، لكن الإيماءة صدرت عن ابنة أمها بصورة طبيعية. وفي غرفة المؤن الخالية الآن من زكائب الدقيق، المجردة من حبال الحبات الصغيرة للفلفل الأخضر، قابضة بشدة على زجاجة الحليب المبتلة بساعدها، وقفت منفرجة الساقين لصق الحائط، واستخرجت من وركيه كل ما استطاع فخذاها أن يستوعبا من لذة. •••
أصبح يأتي بانتظام، حاملا هدايا: عناقيد من التوت الأسود ما زالت فوق فروعها، أربع سمكات مقلية ملفوفة في صفحة من جريدة «بتسبرج كوريير» بلون سمك سليمان، حفنة من السمك صغير الحجم والسن، صندوقين من شراب الليمون، قطعة ضخمة من ثلج العربات، علبة منظف «أولد داتش» بصورة المرأة ذات القلنسوة التي تطرد الوسخ بعصاها، صفحة من مجلة للقصص المصورة، ومزيدا من زجاجات الحليب البيضاء البراقة.
على عكس ما قد يتبادر إلى الذهن، عندما يشاهد متسكعا حول حمام السباحة، أو صارخا في مستر «فينلي»؛ لأنه ضرب كلبه (كلب مستر فينلي)، أو موجها كلمات الغزل البذيئة للمارات، كان أجاكس رقيقا للغاية مع النساء. وكانت نساؤه، بالطبع، يعرفن ذلك، الأمر الذي قادهن للاشتباك في معارك ضارية حوله، فكثيرا ما خضبت النسوة - لحيمات الأفخاذ، المتشاجرات بالسكاكين - ليالي الجمع بالدماء، واجتذبن الجموع الهادرة. وفي تلك المناسبات، كان أجاكس يقف بين المتجمهرين، يتفرج على المتقاتلات - بنفس اللامبالاة - من عيونه الذهبية التي يتابع بها الرجال المسنين وهم يلعبون الداما. ففيما عدا أمه، التي تقبع في عشتها مع ستة أبناء صغار، عاكفين على جذور النباتات، لم يلتق أجاكس في حياته امرأة جديرة بالاهتمام.
لم تكن رقته مع النساء في عمومها، طقسا من طقوس الغواية (فلم تكن لديه حاجة لذلك)، وإنما عادة اكتسبها من تعامله مع أمه، التي بثت في أولادها روح الكرم والمراعاة لمشاعر الآخرين.
كانت تمارس السحر، وحظيت بسبعة أطفال محبين، يستمدون البهجة من تزويدها بما تحتاجه من نباتات، وشعر، وملابس داخلية، وقلامات أظافر، ودجاج أبيض، ودماء، وكافور، وصور، وكيروسين، وتراب الأقدام، وبأن يطلبوا لها من مدينة «سينسيناتي» «فان فان»، و«هاي جون» الفاتح، و«ليتل جون» من أجل المضغ، وأربطة حذاء الشيطان، والطمي الصيني، وبذور المستردة، والأعشاب التسعة.
كانت عليمة بأمور الجو، والنذر، والأحياء، والموتى، والأحلام، وكافة الأمراض، وتكسب عيشا متواضعا من هذه المهارات. ولو كانت لها أسنان، أو استقام ظهرها وحسب، لصارت أبهى وأروع ما تحمل البسيطة، جديرة بأن يعبدها أولادها لجمالها وحده، فضلا عما تتيحه لهم من حرية مطلقة (مما يعرف في بعض الدوائر بالإهمال)، وثقل معارفها الجليلة.
أحب أجاكس هذه المرأة ومن بعدها الطائرات. ولم يكن ثمة شيء بينهما. فإذا لم يكن مسحورا بالاستماع إلى كلمات أمه، تراه يفكر في الطائرات والطيارين، والسماء العميقة التي تحمل الاثنين. وظن الناس أن رحلاته الطويلة إلى المدن الكبيرة في الولاية، تهدف إلى قضاء أوقات بالغة المتعة يعجزون عن تخيلها لكنهم يحسدونه عليها وحسب، بينما يكون في الواقع منحنيا فوق الأسلاك الشائكة للمطارات، أو متسللا بين حظائر الطائرات كي يستمع إلى حديث الرجال الذين أسعدهم الحظ بالانتماء إلى هذا العالم. وما تبقى من وقت كان يقضيه في الشواغل العادية لعازب بلا عمل في مدينة صغيرة. وكان قد سمع الحكايات الرائجة عن «سولا»، فثار فضوله، وذكرته مراوغاتها، ولا مبالاتها بعادات السلوك المستقرة، بأمه التي كانت صلبة في إيمانها بالسحر والتنجيم، مثلما كانت نساء طائفة القديس «ماثيو» الأعظم في إيمانهن بفضيلة التخليص من الخطيئة بتضحية لصالح الطرف الآثم. وما إن بلغ فضوله الحد الضروري، حتى التقط زجاجتي حليب من شرفة أسرة بيضاء، ومضى إليها، معتقدا أنها المرأة الوحيدة، عدا أمه، التي تمتلك حياتها، وتتعامل مع الحياة بكفاءة، ولا تبالي بإيقاعه في حبائلها.
كانت «سولا» هي الأخرى تشعر بالفضول. لم تكن تعرف عنه شيئا، سوى الكلمة التي ناداها بها منذ سنوات، وما أثاره لديها وقتئذ من مشاعر. وكانت قد ألفت الكليشيهات التي تمتلئ بها حيوات الآخرين، وضاقت ذرعا ببلدة «ميداليون». ولو كانت فكرت في مكان تذهب إليه، فربما كانت قد رحلت، لكن هذا كله كان قبل أن ينظر إليها عبر الزجاج الأزرق، ويقدم إليها الحليب، عاليا، كنصب تذكاري.
ناپیژندل شوی مخ