تجربه ښځینه
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
ژانرونه
Sula by Toni Morisson 1973
عند عودتها إلى البلدة، ألفت الحديث الاجتماعي مستحيلا عليها؛ لأنها لا تعرف الكذب. لم يكن بوسعها أن تقول لواحدة من معارفها القدامى: «أنت تبدين في أحسن حال.» بينما ترى كيف كست السنون البشرة البرونزية بالرماد، وكيف أن العيون التي كانت مفتوحة لآخرها على القمر قد تقوست من الهم. وكلما ضاقت حياة الواحدة منهن، اعرض حوضها. من منهن لها زوج، طوت نفسها في تابوت منشى، انتفخت جوانبه بأحلام الآخرين اللحمية ولوعاتهم العظيمة. أما اللاتي كن بلا رجال، فكانت الواحدة منهن مثل إبرة نكدة الطرف، تبرز منها عين فارغة دوما. أولئك اللاتي كن مع رجال، امتصت المواقد والقدور الحلاوة من أنفاسهن. وصار أطفالهن مثل جراح نائية لكن مفتوحة، لم يخفف من ألمها انفصالها عن لحمهن. لقد نظرن إلى العالم، ثم إلى أطفالهن، ثم إلى العالم، وإلى أطفالهن مرة ثانية، وأدركت «سولا» أن عينا صافية شابة واحدة، هي كل ما أبقى السكين بعيدة عن استدارة الرقبة.
كانت إذن منبوذة، وكانت تعرف ذلك. تعرف أنهم يزدرونها، وتؤمن بأنهم يصوغون حقدهم في قالب الازدراء للسهولة التي ترقد بها مع الرجال. فقد كانت تذهب إلى الفراش مع الرجال كلما تيسر ذلك. فهو المكان الوحيد الذي يمكنها أن تجد فيه ما تبحث عنه: التعاسة والقدرة على الإحساس بالأسى العميق. لم تكن دائما واعية أن الحزن هو ما تتوق إليه. ففي البداية، بدا لها فعل الحب، خلقا لنوع خاص من الفرح. فكرت أنها تحب سخام الجنس وكوميديته، وكثيرا ما كانت تضحك خلال البدايات الفظة، وترفض العشاق الذين ينظرون إلى الجنس باعتباره ممارسة صحية وجميلة. كانت جماليات الجنس تثير ضجرها. فرغم أنها لم تعتبر الجنس ممارسة قبيحة (لأن القبح مضجر أيضا)، كانت تفضل أن ترى فيه شيئا من الأذى والشر. ومع تكرار تجاربها أدركت خطأ هذه النظرة بل وتبينت أنها ليست في حاجة لاستحضار فكرة الشر كي تتمكن من الاشتراك فيه بكليتها. فقد وجدت خلال فعل الحب، وكانت في حاجة لأن تجد، الحافة القاطعة. وعندما تخلت عن التعاون مع الجسد وبدأت تؤكد نفسها في الفعل، تجمعت فيها ذرات من القوة، مثل شظايا الصلب المنجذبة إلى مركز مغناطيسي شاسع، وشكلت عنقودا متلاحما، لا يمكن تحطيمه. كان ثمة سخرية وإهانة بالغتان، في الرقاد أسفل شخص ما، في وضع الاستسلام، بينما تشعر بقوتها الصامدة، وسلطانها غير المحدود. لكن العنقود تكسر، وتناثرت أجزاؤه، وفي لهفتها على لم أشلائه، قفزت من الحافة إلى السكون، وهوت مولولة، مولولة وقد غمرها إدراك لاذع بنهايات الأشياء: عين من الأسى في مركز إعصار من الفرح. في مركز هذا الصمت، لم تكن هناك الأبدية، وإنما موت الزمن، ووحدة عميقة لدرجة تجعل الكلمة نفسها بلا معنى. لأن الوحدة تفترض غياب الآخرين، بينما العزلة التي صادفتها في حقل اليأس هذا، لم تكن تسمح بوجودهم. عندئذ بكت. دموع موات الأشياء الصغيرة: أحذية الأطفال المستهلكة والملقاة جانبا، السيقان المحطمة لعشب المستنقعات بعد أن سحقها البحر وأغرقها، صور حفلات التخرج لنساء ميتات لا تعرفهن، خواتم زواج في نوافذ دكاكين الرهونات، الأجساد المرتبة للدجاج في عش من الأرز.
وإذ ينفصل عنها جسد رفيقها، تتطلع إليه في عجب، محاولة أن تتذكر اسمه، بينما ينظر إليها من عل، مبتسما في إدراك حنون لحالة العرفان الدامعة التي يعتقد أنه أوصلها إليها. وتنتظر هي في نفاد صبر أن يتحول عنها، ويغرق في رضا لزج وقرف خفيف، فيتركها لخصوصية ما بعد الجماع، حيث تلتقي نفسها، ترحب بنفسها، وتنضم إليها في انسجام فريد.
في التاسعة والعشرين، عرفت أن لن يكون ثمة طريق آخر، لكنها لم تتوقع تلك الخطوات فوق المدخل المسقوف، والوجه الأسود الجميل، الذي حدق إليها من خلال زجاج النافذة الأزرق. أجاكس.
يبدو كما كان منذ سبعة عشر عاما، عندما ناداها ب «لحمة الخنزير». كان وقتها في الحادية والعشرين، بينما كانت هي في الثانية عشرة. كون من الزمان بينهما.
فتحت الباب الثقيل، وأبصرته واقفا خلف الآخر المنخلي، حاملا زجاجتين من الحليب، مدسوستين بين ذراعيه مثل تمثالين من الرخام. ابتسم وقال: «بحثت عنك في كل مكان.»
سألت: «لماذا؟» - «لأعطيك هذه.» وأومأ إلى إحدى الزجاجتين.
قالت: «لا أحب الحليب.»
قال وهو يقدم إليها واحدة: «لكنك تحبين الزجاجات، أليس كذلك؟ أليست جميلة؟»
ناپیژندل شوی مخ