وهو لغة: المعرفة.
وعرفا: هو صفة يتجلى بها المدركون(1) لمن قامت هي به.
وفيه تعريفات تطلب من محلها.
وهو إما بديهي أو مكتسب بالعلم، وسمي علما لأنه علامة بها يمتاز العالم من الجاهل، وبها يهتدي العالم، وهذا في علم الخلق؛ وأما علم الله تعالى، فلا يتصف بكونه ضروريا ولا كسبيا.
وللعلم فنون كثيرة، وضروب مختلفة، وكلها شريفة؛ والإحاطة بجميعها محال؛ لما روي عنه صلى الله عليه وسلم: «العلم أكثر من أن يحصى، فخذوا منه بأحسنه». ومن ظن أن له غاية فقد بخسه حقه، ووضعه في غير منزلة وصفه الله بها.
وقد قيل: لو كنا نتعلم العلم لنبلغ غايته لكنا بدأنا بتنقيصه، ولكنا نطلبه لننقص كل يوم من الجهل، ونزداد فيه من العلم.
وله ثلاث درجات، فمن بلغ الأولى استكثر ما علمه، فإذا بلغ الثانية استقل ما علمه، ولا يبلغ الثالثة غير الله.
والعلم إما ديني أو دنيوي: فالديني قسط المريدين به النجاة، والدنيوي قسط المريدين به المراتب.
* والديني ظاهر عام، كالعلم بأحكام الشرائع، وباطن خاص، كعلم الأنبياء والصديقين.
* والدنيوي أيضا روحاني، كالنحو والكلام وغيرهما؛ وجسماني، كعلم الصنائع والحرف.
وروي: «العلم إما بالقلب وهو النافع، وإما باللسان وهو حجة الله على عباده».
وقيل: العلم علم الأديان، وعلم الأبدان، ولولاه ما كان علم الأديان.
فصل
قد جعل الله بحكمته لكل فن من يحميه ويقوم به؛ لتعذر القيام به كل القيام، ولتفاضل أهل كل عصر في كل فن؛ كما روي في تفاضل الصحابة رضوان الله عنهم في العلوم، وكذا التابعون ومن بعدهم، فكل منهم صرف همته إلى فن وبرع فيه؛ وأجلها قدرا وأنفعها: معرفة الله تعالى فإنها أول الواجبات، وبعدها معرفة حدوده.
وثمرة العلم العمل به، وهو قدر النية.
وقيل أصل العلوم القرآن؛ لما روي أن فيه علوم الأولين والآخرين.
مخ ۱۵